عراق الاحباب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

بقلم الدكتور احمد مطران::حرب إنقاذ العراقيين من أنفسهم

اذهب الى الأسفل

بقلم الدكتور احمد مطران::حرب إنقاذ العراقيين  من أنفسهم Empty بقلم الدكتور احمد مطران::حرب إنقاذ العراقيين من أنفسهم

مُساهمة من طرف Admin الأربعاء أبريل 16, 2008 4:44 am

حرب إنقاذ العراقيين من أنفسهم







الثقافة السياسية العراقية عجزت
عن إنتاج مشاريع فكرية بعيدا عن "ثقافة الموت"?








زهير المخ















عاش العراقيون نحو نصف قرن في صحبة الموت الذي فاق كل توقع , بل إن سلطة البعث العراقية , زادت من
حدته وضاعفت من ضراوته: الموت في حروب مدمرة أو في زنزانات تفوح من بين جدرانها
رائحة الدم.








ولما كان ا لأمر كذلك, فإن أي
مشروع يستهدف الانتقال من حالة"ثقافة الموت" إلى نوع من السلم الأهلي,
وفي أي صيغة كانت, لن يتم له النجاح إلا
إذا انطلق من فهم عميق للمأزق العراقي الراهن ولمجمل أسبابه الحقيقية, لا من
بعض مظاهره , وإن كانت هذه المظاهر هي اليوم الأكثر بروزاً على السطح, أو من بعض
التفسيرات المضللة أو الانتهازية , وبالتالي الجزئية لهذا المأزق.








المقصود بالفهم العميق للمأزق
يعني,من الناحية الجوهرية , فهم خصائص بنية الثقافة السياسية العراقية على
حقيقتها, وهذا يتطلب فعلاً إعتماد الوقائع
ذاتها, وليس تفسيراتها أو تأويلاتها المبتسرة, أو بالقفز فوق مرحلة إلى أخرى, واعتبار
الأولى غير ذات أهمية ,وأول ما يلفت الانتباه إليه حقا, أن هذه الثقافة, في
مجملها, كانت متواطئة مع النخب القمعية الحاكمة, أو بالأحرى ممثلة لها,
وكانت"الجماهير" مستعدة بالفعل للانحياز التلقائي للشعارات الغوغائية
البراقة ومتماهية تماماً معها.








إن هذه الثقافة بالذات,بدحرها
النخبة السياسية التقليدية في يوم يوليو(تموز)1858, فتحت الباب على مصراعية
للأيديولوجيا الشعوبية إلى تبوء المشهد
السياسي في البلاد .كما بات واضحا لأي مراقب حصيف, أن هذه الآيديولوجيا , التي
لاتخلو من السطحية والإبتذال ولكنها القادرة على تعبئة "الجماهير"
,تحولت بقدرة قادرة إلى دين جديد له مراجعه وفقهاؤه وأدبياته ونصوصه التي ترقى
إلى مستو ى التقديس , ويمكن للمرء أن يجد إمتداداً لهذه الآيديولوجيا لدى ممثلي الأطياف السياسية
العراقية المختلفة من بعثيين وشيوعيين وقوميين وإسلاميين ومن لف لفهم.








هكذا مثلاً دخلت مفاهيم جديدة إلى صلب الثقافة السياسية
العراقية,مثل مصطلح "الجماهير"تلك الكتلة السديمية المستعدة لأن تملأ
الأرض صخباً لإسكات كل من تسول له نفسه النطق بالمسكوت عنه, والقادر في آن على
إلغاء المساحة الفاصلة بين السلم الاجتماعي والحرب الأهلية.كما دأبت هذه الثقافة
على إشاعة مفهوم رفض منطق دولة المساواة
والمؤسسات والقانون , بل تبينها البدائي لأن تظهر الدولة وكأنها أداة طيعة ماثلة
دوما لخدمة الفئة الحاكمة فحسب.وعندما أتيح لهذه الفئة إنتاج شرعية آيديولوجيا
,تمثلت في رفع شعارات القومية العربية والأشتراكية والتنمية الأقتصادية, لم يعد
ممكنا أن تحمل الثقافة السياسية العراقية
هامشاً بين حدين , وإنما أصبحت لوناً
ملازما للعنف السلطوي الأعمى , وحلقة دموية مفرغة لم يخرج المعارضون لها
إلا نحو المنفى أو نحو القبر.








ويمكن أن يقال أيضا رفض الثقافة
السياسية العراقية التكيف مع متطلبات موازين القوى الإقليمية والدولية, لتفر منها إلى أحلام يقظة عصابية,وعلى سبيل المثال, كان القول بالموقف المتشدد إزاء
إسرائىل أو الولايات المتحدة الأمريكية, سبباً واهياً للسكوت على الممارسات
القمعية للنظام, لمجرد أن الحاكم يغرف من قاموس العداء لهما. ولا يؤتى بجديد حين
يقال إن هذه البدائية في التحليل
والانحياز السطحي للشعارات الديماغوجية, جعلتا الثقافة السياسية العراقية ضالة
ومضلله في آن, إنما يبقى السؤال قائماً : لماذا ظلت الثقافة السياسية العراقية
عاجزة عن إنتاج مشاريع فكرية بعيدة عن دخان "ثقافة الموت" لأنها ببساطة
ما زالت لم تبلغ سن الرشد بعد,فهي تفكر
بعواطفها وانفعالاتها ونرجسيتها وبثاراتها أيضاً.








ولايمكن للمرء
إلا أن يلحظ التفهم غير المبرر وغير المسؤول, الذي تحظى به الحركات الفئوية في مجلس الحكم الحالي التي كانت, لأشهر خلت, من دعاة
الصهر المجتمعي والوحدة الوطنية والعصرية.








وبقدر ما يتوجب على العراقيين
الإقرار بمسؤوليتهم في تهديم جدران البيت العراقي على رؤوسهم ,
بقدر مايجب إعادة الاعتبار إلى السياسة التي ظلت
في الإجمال غائبة, لأنها تضع الحوار في موقع التعصب, والبحث الدؤوب عن
البدائل في محل الإطلاق وليس ثمة تفكير في نشر ا لثقافة الديمقراطية وتعميقها بين
صفوف العراقيين خارج عودة السياسة بما هي برامج انتخابية وقوى متنافسة وبدائل
ممكنة.








ولاريب في أن أول أعداء ا لسياسة هو "الشارع " العراقي, الذي
غيّبت السلطات القمعية المتعاقبة رشده,
فلكي لايعود التلميذ في المدرسة , يتهيأ
ل"المعارك", ولن يكون في مقدور المحامي التصدي للعدو الخارجي, ينبغي
الارتقاء بفكرة المواطنة التي تجعل الناس
تغادر هاجس التوتر الدائم إلى نوع من السكينة الحياتية العادية, وإلى الاطمئنان على المصير الشخصي.








أما عدو السياسة الثاني فهو الآيديولوجيا الشعبوية , التي بمقدورها أن تفتح الباب على مصراعيه لكل من هب ودب الدخول
إلى عالم السياسة, ومن ثم القفر إلى سدة الحكم.والواقع أن ولوج كل من هب ودب باب
السياسة, قد أدى عملياً إلى إنهاك المجتمع العراقي الذي دفع الثمن
غالباً وهو يرقص جائعاً فوق القبور.








أما ثالث أعداء السياسة, فهو
الفئوية بكل تفاصيلها, من مليشيات مسلحة, وزعامات ملهمة ساعية للسيطرة على جهاز
الدولة الهش وعلى المجتمع.وبما أن الفئوية تنفض السياسة وتحول الجدل السياسي إلى صراع بين تجمعات متمايزة عمودياً, فهي الباب الأمثل
للقتل على الهوية وإعادة إنتاج للمقابر الجماعية.








إن كلا من هذه العناصر الثلاثة
كفيل لوحده بإلغاء السياسة , ولكنها كانت جميعها وماتزال, عميقة التغلغل في بنية
الثقافة السياسية العراقية ولم ينتج عنها سوى خيار واحد:المزيد من إراقة
الدماء وإشعال الحروب الأهلية.








لقد إستخدمت الثقافة السياسية العراقية هذه العناصر الثلاثة في العقود الماضية, كوسيلة لإرجاء
بزوغ فجر الديمقراطية, فيما منحت إطاحة نظام صدام العراقيين,فرصة ذهبية
لإعادة المراجعة الجذرية لأبجديات هذه الثقافة, وكمختبر للتعايش ولتدريب العراقيين
على الرقص مع بعضهم البعض, وقبول الرأي والحقوق,بعيداً عن الرغبة في دغدغة المشاعر
وإثارة هياج"الجماهير" ,إنها بالأحرى حرب إنقاذ العراقيين من أنفسهم.
















الشرق الاوسط -لندن







25 سبتمبر/أيلول 2003
Admin
Admin
Admin

عدد الرسائل : 102
العمر : 47
الموقع : الـٍـٍِـٍلـٍـٍِـٍهُـٍـٍِـٍمَ صَـٍـٍِـٍلْ عَـٍـٍِـٍلـٍـٍِـٍىَ مُـٍـٍِـٍحَـٍـٍِـٍمَـٍـٍِـٍدٍ وََأَلِ م
العمل/الترفيه : الـٍـٍِـٍلـٍـٍِـٍهُـٍـٍِـٍمَ صَـٍـٍِـٍلْ عَـٍـٍِـٍلـٍـٍِـٍىَ مُـٍـٍِـٍحَـٍـٍِـٍمَـٍـٍِـٍدٍ وََأَلِ م
المزاج : الـٍـٍِـٍلـٍـٍِـٍهُـٍـٍِـٍمَ صَـٍـٍِـٍلْ عَـٍـٍِـٍلـٍـٍِـٍىَ مُـٍـٍِـٍحَـٍـٍِـٍمَـٍـٍِـٍدٍ وََأَلِ م
تاريخ التسجيل : 01/04/2008

https://nahrwan.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى