المثقفون العرب والديكتاتور::
صفحة 1 من اصل 1
المثقفون العرب والديكتاتور::
صفحة تعامل العديد من الكتاب مع صدام سوف
تبقى أسود الصفحات في تاريخ الثقافة العربية
لفت نظري مقال نشره الزميل فاضل السلطاني في » الشرق الأوسط« بتاريخ 15
فبراير / شباط ,3003 تحت عنوان المثقف الغربي والعربي.. والديكتاتور, ورغم الوقت
الذي مضى على قراءتي له, وقد عاد إلى ما ورد في المقال, في ضوء ما نشهده في
الساحات الثقافية العربية, وما يستدعيه ذلك من تنويع على ذلك المقال.
يستطيع الباحث الموضوعي, المتتبع لمسار الثقافة العربية في نصف القرن
الماضي, الذي هو تقريباً زمن ما أطلق عليه (الاستقلال العربي), أن يلحظ مسألة
واحدة, حظيت بالرعاية والإستقطاب من غالبية المثقفين العرب, في مختلف الأقطار
العربية, دون إستثناء وهي مسألة الإلتفاف حول (الحاكم), بشكل أوجد زمرة واضحة
المعالم, سخرت كافة إمكاناتها الثقافية, لخدمة ذلك الحاكم, حتى ولو إستحق صفة
(الديكتاتور), إستناداً لممارسته ضد شعبه وجيرانه, ولم يلتف المثقفون والكتاب
والصحفيون العرب, على (حاكم) كما إلتفوا حول(جمال عبدالناصر) و(صدام حسين), مع
الإقرار مسبقاً, وبوعي كامل إستحالة المقارنة بين هذين الحاكمين, فقد كان الالتفاف
حول عبدالناصر- إلى حد كبير- تضامناً وتأييداً لفكرة (العروبة) و(الوحدة العربية)
التي طرحها عقب إنقلاب 1952, الذي أطاح بالملكية في مصر, متقلبا عقب ذلك من الفكر
الاشتراكي إلى محاولة استمالة (الاخوان المسلمين), إلى ما أسماه (تحالف قوى الشعب
العامل) وبشكل تخبطي, أدى به إلى عدم الإستقرارعلى فكرة أو مبدأ واحد, فعندما
يتحالف (مع الإخوان) يزج ب¯(الشيوعيين) في السجون, وعندما يتحالف مع (الشيوعيين),
يزج ب¯(الإخوان) في السجون.... ورغم ذلك, ظل الالتفاف حول عبدالناصر, ذا طابع
مؤدلج في الغالب, لتصديه ولو نظرياً لاسرائيل وقوى الإستعمار الغربية, خاصة بعد
تأميم قناة السويس, وما تلاه من عدوان ثلاثي على مصر عام 1956 . ومن المهم التذكير
بأن عبدالناصر, لم يكن يملك تلك الثروة النفطية وما يعقبها من أكياس الدولارات,
لتوزيع(الرشاوي) و(الخرجيات) لشراء الذمم والأرواح والعقول, كما هي في حالة صدام
حسين. وهنا, في حالة صدام حسين كان الإلتفاف حوله من الكتاب والمثقفين العرب,
مريباً ويدعو للشك في معقولية إنتمائهم, ونصاعة تفكيرهم.. وذلك لأن هذا(الحاكم),
لم يترك(موبقة), إلا وارتكبها بحق الشعب العراقي, وفي طليعته الصحفيون والكتاب
والمثقفون والمبدعون.. ويكفي إيراد ما يلي:
1- طوال فترة حكمه التي قاربت ثلاثين عاماً إرتكب بحق الشعب العراقي, من القتل والتعذيب
والإعدام والإغتيال والسجن, ما لا أعتقد أن حاكماً إرتكبه بحق شعبه في السنوات
المائة الأخيرة.. وقد نتج عن ذلك تشريد وفرار ما لا يقل عن أربعة ملايين عراقي
ونصف, في مختلف أنحاء العالم, ومن ضمنهم عشرات الآلاف من الخبرات العلمية والأدبية
والثقافية والأكاديمية, وضمن شهوة القتل هذه قتل العشرات من أقرب الناس إليه, ممن
عملوا معه وله في كافة الظروف.. ولا أتصور أن هناك (كائناً حياً) مهما كانت صفته,
أن يُقدم على قتل كل هؤلاء المقربين, وعلي رأسهم زوج إبنته ووالد طفلين لها, وهو
كامل حسين وشقيقه, بعد أن أقسم لهما صدام شخصياً على الأمان وعادوا من الأردن
ليلقوا مصيرهم البشع, كعشرات الآلاف من العراقيين.
2- في التعامل مع الجيران العرب, ظل على عداء دائم مع سورية, وأعدم عشرات
من قيادته, بتهمة التعامل مع سورية.. ثم أقدم على إحتلال الكويت عام 1990, في عمل
لا مثيل له في تاريخ العرب الحديث.
3- في التعامل مع الجيران الإيرانيين, تصالح مع شاه إيران عام 1976, ووقع
معه إتفاقية الجزائر, لإقتسام شط العرب, وعندما وصلت الثورة الإسلامية للحكم عام
1979, ألغى هذه الاتفاقية من طرف واحد,
وأعلن الحرب على إيران, التي إستمرت حوالي تسع سنوات, دمرت البلدين وقتلت مئات
الآلاف من أبناء البلدين.
هل يستسيغ العقل والمنطق والأخلاق, الإلتفاف حول هكذا(حاكم).. ومع ذلك التف
حوله, وما زال العشرات من الكتاب والمثقفين العرب, ومنهم من ألف كتاباً حول فكر
(صدام حسين) تصوروا!.. ومنهم من ينعته ب¯(الشيخ) و(المجاهد).. تخيلوا!.. ومنهن من
ألفت كتاباً في فكر وحياة نائبه طارق عزيز.
ومن المواقف ما يكاد يصيبك بالجنون, أكثر من ذلك وعلى سبيل المثال فقط:
-الكتاب والصحفيون الفلسطينيون تحديداً الذين كانوا وما زالوا ينددون
بالإحتلال الإسرائىلي لفلسطين, وأىدوا الاحتلال الصدامي للكويت.. وكأن هناك
احتلالاً جميلاً وإحتلالاً قبيحاً.. وضمن نفس السياق, يصرخون ليلاً ونهاراً ضد قمع
حكام إسرائيل وآخرهم شارون للشعب
الفلسطيني, ويسكتون كالأموات على قمع صدام للشعب
العراقي, إن الأخلاق لا تتجزأ.. وهؤلاء الصحفيون والكتاب, يمارسون إزدواجية
أخلاقية, لمصالح ومكاسب شخصية, لا تليق بهم, وبصفتهم ككتاب, مهنتهم لها علاقة
بالضمير!
-الكتاب والنقابات الأردنية, الذين قارعوا الملك حسين للحصول على مكاسب
ديمقراطية للشعب الأردني, وكانت ذروتها
أحداث الكرك عام 1988 , التي نتج عنها إنفراج ديمقراطي تمثل في حرية النقابات في العمل,
وحرية تأسيس الأحزاب السياسية, والعودة للحياة الديمقراطية البرلمانية, ولكنهم في
الوقت ذاته, ومنذ لا يقل عن عشرين عاماً, وهم يتضامنون بكل الوسائل والأشكال مع
ديكتاتور بغداد.. ونظّموا عشرات المؤتمرات ومئات المظاهرات دعماً له.. إنها
ازدواجية الخلق والأخلاق.. فهل تليق الديمقراطية بالشعب الأردني, ولا تليق بالشعب
العراقي.. هل يستحق الشعب الأردني الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان, بينما شعب
العراق, لا يستحق إلا كل هذا القمع والتشريد والقتل?!.
إن صفحة تعامل العديد من الصحفيين والكتاب والمثقفين العرب, مع صدام حسين
ونظامه, سوف تظل من أسود الصفحات في تاريخ الثقافة العربية, وكل من شاركوا في
مديحه وتمجيده ودعمه والتضامن معه, سوف تأتيهم لحظة في المستقبل, يخجلون من
أنفسهم.. ولن يجرؤوا على التفكير بزيارة بلاد الرافدين, بعد سقوط هذا النظام, على
الأقل خجلاً من زملائهم الكتاب والمثقفين والمبدعين العراقيين, الذين شرّدهم نظام
صدام في كل بقاع العالم.
لن يصبح الكتاب والمثقفون العرب فاعلين في نسيج مجتمعاتهم, إلا بعد أن
يقرروا الإنحياز فقط للحق والحقيقة, والإنفضاض عن (الحاكم) دون طمع في (رشاويه) و
(خرجياته)! .
جريدة الشرق الاوسط, لندن, العدد8831 1
1فبراير/شباط2003
دور النظام العراقي في الأزمة الحالية
في البداية , أود أن أسجل موقفي الرافض للحرب ضد الشعب العراقي, فالحروب
الموجهة ضد أي شعب من الشعوب مرفوضة سياسياً وأخلاقياً, أما الأنظمة, وفي مقدمتها
نظام صدام حسين, فالحديث عنها وعن مواجهتها يختلف , لأن هذا النظام يشن حرباً
فعلية على الشعب العراقي طوال ثلاثين عاماً, سمتها القتل والإبادة والتشريد
والنفي, وإليكم نماذج من هذه الحروب:
1- من عام 1969 وحتى عام 1979: أدخل هذا النظام الشعب العراقي في موجات
متلاحقة من الإنقلابات وحملات السجن والمطاردة والاغتيال, طالت العشرات من رموز
النظام نفسه, ومن أقرب أصدقائه! وكي يتفرغ لمطاردة منتقديه في الداخل, ذهب بنفسه
إلى الجزائر حيث وقّع عام 1976 مع شاه إيران الذي كان شرطي الغرب وإسرائيل في المنطقة إتفاقية تقسيم شط
العرب, فأعطى الشاه حقوقاً من شط العرب ومياهه, لم يكن يحلم بها, وتفرغ بعد ذلك
داخلياً لتصفية خصومه السياسيين, عرباً وأكراداً.
2- من عام 1980 وحتى عام 1988: شن حرباً مدمرة لا مبرر لها , ضد النظام
الإسلامي الجمهوري في إيران, الذي أسقط الشاه في سابقة مثيرة, وفور إعلان الجمهورية
الإسلامية الإيرانية, بادر صدام إلى إلغاء إتفاقية » الجزائر« الموقعة مع الشاه من
طرف واحد, رغم أن أول قرار إتخذته الجمهورية الإسلامية, كان قطع العلاقات
الدبلوماسية مع إسرائيل, وطرد سفيرها وتحويل سفارتها سفارة لدولة فلسطين, واستمرت
حرب إيران ثماني سنوات, أحرقت ودمرت البلدين وقتلت مئات الآلاف, حرب لا دخل للشعب
العراقي, ولا مصلحة فيها! والكل يعرف ما دمرت وأحرقت في البلدين.
3 - بدلاً من أن يتفرغ لإعمار ما
خربته حربه ضد إيران, زجّ الجيش والشعب العراقي في عمل لا وطني ولا أخلاقي, فارضاً
علي الجميع عرباً وعراقيين. حرباً جديدة, عبر إحتلاله الكويت عام 1990, وكانت حربه
الشخصية, فقد ثبت أن غالبية قيادته بما فيها رئيس أركان الجيش العراقي, لم تعرف
بهذا الإحتلال, إلا بعد دخول الحرس
الجمهوري الكويت, واستمر في عناده, فلم يسمع التهديدات الغربية, ولم يستجب
للنداءات العربية بسحب جيشه من الكويت, فزجّ الجيش العراقي في حرب جديدة, خرج
خلالها من الكويت بدون معركة واحدة, وبشكل مُذّل لا يليق بكرامة الإنسان العراقي,
ليبدأ حصار قاسٍ ما زال الشعب العراقي يعاني منه حتى اليوم!
وخلال هذا الحصار, مارس النظام الفساد والقمع والاغتيال, فمن حملات همجية
ضد الشعب الكردي, إلى ضرب حلبجة بالسلاح الكيماوي, إلى قمع إنتفاضة الجنوب بوحشية
متناهية, فنتج عن هذه السياسات والحروب, فرار وهجرة ما لا يقل عن أربعة ملايين
عراقي في كل أنحاء العالم, بما فيها أعماق المحيطات والبحار, وفي الوقت ذاته يبني
العديد من القصور الباذخة ويوزع رشاويه بالملايين, في الخارج لمرتزقة يطبلون له,
ويصورون حروبه الإجرامية هذه, بطولات وإنتصارات لا مثيل لها في تاريخ العرب
والمسلمين. كل هذه السياسات وهذه الحروب, وما صاحبها من إدعاءات فارغة عن إمتلاكه
أسلحة وهمية, وضربه لاسرائيل بعدة صواريخ شكلية عام 1991, وقعت عمداً وتخطيطاً في
صحراء » النقب«, كي لا تحدث خسائر بدليل
عدم رد إسرائيل عليها لا برصاصة ولا ببيان, ثم تصعيد عنجهيته بطرد المفتشين
الدوليين عام 1998, والتهويل بجيش » القدس« التلفزيوني, بملايينه الستة, الذين
وزعهم على المحافظات العراقية لضبط الأمن وقمع المعارضين .كل هذه الادعاءات, أوصلت
العراق, وطناً وشعباً , إلى هذه اللحظة الكارثية. هنا من المهم الانتباه إلى
نقطتين في سلوك هذا النظام:
الأولى: هي العنجهية العالية التي كان يتعامل بها مع خصومه السياسيين ومع
كل دول العالم, والآن تنقلب هذه العنجهية إلى ذل كامل واستجداء رخيص, فيوافق
للمفتشين على دخول أي مكان في العراق بما فيه قصوره الرئاسية, ليبقى فقط في
السلطة, مُسّخراً العراق وشعبه وثروته لمصالحه ونزواته القمعية. الثانية: هي
إتخاذه كل قراراته الخطيرة منفرداً, وعندما يقع في الكارثة, يُطالب العراقيين
والعرب بدعمه والوقوف معه. والآن ينتقد الأنظمة العربية على عدم دعمها له! فهل
إستشار هذه الأنظمة في حربه ضد ايران? هل إستشارها في احتلاله الكويت? هل سمع
نداءاتها للخروج من الكويت قبل وقوع الحرب? إنه حاكم غريب, فريد من نوعه, يتخذ
قراراته منفرداً, ثم بعد الورطة الكارثة يطلب من الشعب العراقي والأمة العربية
وبكاملها, دعمه وتحمل نتائج هذه القرارات التدميرية. إنها سيكولوجية الديكتاتور في
كل زمان ومكان , فهو العبقري والمنقذ والملهم والمؤمن, ومئات الآلاف من الشعب
العراقي, قتلى وجرحى ومعاقين ومفقودين, لا بد أن يُقادوا كل عشر سنوات في » قادسية
جديدة لصدام«! هل هناك غرور وافتراء أكثر من هذا?
وأكرر أن الحرب ضد الشعب العراقي مرفوضة ومُدانة, أما هذا الديكتاتور
ونظامه وعصابته, فلا أسف على زوالهما وسقوطهما, فيكفي العراقيين والعرب, ما أرتكبه
طوال ثلاثين عاماً من حكمه المليء بالإدعاءات والبطولات الوهمية, وعلى رأسها نيته
لتحرير فلسطين! ومن حق العراقيين, بعد كل هذه المآسي, أن ينعموا براحة يعمرون
وطنهم الزاخر بالخيرات والثروات. لماذا العراقيون وحدهم في هذا الوضع من بين كل
الدول النفطية الغنية في المنطقة? إنها مسؤولية هذا النظام ولا راحة للعراقيين,
ولا عودة لكل المهاجرين والمنفيين إلا بسقوط هذا النظام, فهو المسؤول عن كل ما
سبق.. ولا أسف على زواله وإنهياره. المهم لا خسائر جديدة في صف الشعب العراقي
وبنيته التحتية, فيكفيه ما جرّه عليه هذا الديكتاتور ونظامه!
جريدة المؤتمر- لندن العدد 337, 7-20 فبراير/شباط2003
ملهاة الدروع البشرية!
كان أول من أعاد التذكير بمسألة الدروع البشرية في السنوات الأخيرة, هو
الديكتاتور صدام حسين, عندما حاول عقب غزوه وإحتلاله لدولة الكويت عام 1990, أن
يمنع عدة آلاف من المواطنين الأوروبيين والأمريكيين مغادرة العراق, معلناً أنه
سيوزعهم على منشآت النظام وقواعده,معتقداً أن هذا العمل سيحول دون شن قوات التحالف
الدولي حربها لإخراجه من الكويت.. وبعد وساطات دولية عديدة, وافق على خروج هذه
الدروع من العراق, وسفرها إلى بلدانها.
وكان أول من أعاد طرح مسألة الدروع البشرية, للدفاع عن النظام الصدامي
وقواه القمعية, في الأزمة - الحرب الحالية - هي مجموعة (تسمي نفسها لجنة شعبية) في
الأردن, على رأسها بعثي أردني سابق, سبق أنه كان مسجوناً في سوريا, لمدة زادت عن
عشرين سنة, وتم الإفراج عنه في عام 1993, بعد عشرات الزيارات والوساطات التي قام
بها إلى ومن وفي سوريا النائب الأردني عاكف الفايز.. وكانت هذه اللجنة الشعبية
التي يضيفون إليها ظلماً صفة(الأردنية) , قد أعلنت عن(دروعها البشرية) هذه, يوم
الخميس الحادي والعشرين من شهر(تشرين الثاني) لعام 2002, الموافق السادس عشر من
رمضان لعام 1423 هجري.. وأتذكر أنني كنت في زيارة إلى الأردن عند ولادة هذه
الدروع, فكتبت في العدد(948) من مجلة " شيحان" الاسبوعية التي تصدر في
عمان, بتاريخ 21 من(ديسمبر) 2002, متسائلاً:
- كيف وممن سوف تتشكل الدروع البشرية الأردنية?
- وهل ستشمل زوجاتهم وأولادهم خاصة الذين يدرسون ويعملون في أمريكا
وبريطانيا?
- أين سيوزعون هذه الدروع البشرية في العراق, ومساحته تبلغ حوالي نصف مليون
كيلو متر مربع?
ثم أجبت على هذه الأسئلة, قائلاً:
لا... لا.. فكل ما ورد في بيان
اللجنة الشعبية الأردنية, مجرد مبالغات وأكاذيب وضحك على عقول الجماهير والدروع
البشرية.. فلا جماهير ولا دروع , فقط بيان يرسل للعاصمة المعنية, لضمان وصول ما
تعود مصدرو البيان إستلامه آخر كل شهر..«.
وانتقلت عدوى هذه الملهاة إلى بعض العواصم الأوروبية, ولكن بخلفيات
مغايرة... فعلاً توجد جماهير ضد الحرب... ولكن من يُصدّق أن هناك إنساناً يسافر
ليقف أمام منشأة عراقية ليموت إن إندلعت الحرب, وهو يعرف أن وجوده هناك لن يمنع
هذه الحرب? إذن لماذا سافر بعضهم فعلاً? الجواب: لأن طريقة الإعداد لهذه الدروع
وسفرها, فيه إثارة وإجازة.. وإليكم الدليل على ذلك من تجربة(الدروع) التي سافرت من
أوسلو: أعلنت منظمة (جماعة) نرويجية, عن تسييرها(حافلة ركاب) إلى لندن, ومن هناك
جواً إلى العراق.. والجماعة تتحمل نفقات السفر والأكل والشرب والنزول في الفنادق..
الخ.
هنا العديد من الشباب المنتمين لأحزاب موسومة بالفوضوية, وآخرون عاطلون عن
العمل فلماذا لا يسافرون بهذه الشروط والمواصفات إلى لندن? هذا ما حصل, وبعد أن
تفسحوا مجاناً في لندن, لم يسافر إلى بغداد إلا أقل من(العشر).. وهناك كان في
انتظارهم , كما نشرت وسائل الإعلام العربية والأجنبية, أن نظام صدام, تحمل نفقات
سفرهم, وإقامتهم في فنادق الدرجة الأولى, ومصاريفهم الشخصية كذلك, مقابل ظهورهم من
يوم إلى آخر في الفضائىات, يعلنون إستنكارهم للحرب.. ومنذ أسابيع, بعد أن تفسحوا
وقضوا الإجازة على نفقة غيرهم, بدأوا يعودون إلى أوسلو, مُعللين ذلك بضغوطات الأهل
والعائلة.. أما عند بد ء الإجازة والفسحة, فلم تكن هناك ضغوطات?! والقلة القليلة
الباقية من هذه الدروع, سوف تكون في حدود الأردن أو الكويت, منذ إطلاق الرصاصة
الأولى, خاصة أن بعضهم كما صرح للإعلام, اكتشف قُبح وظلم النظام الديكتاتوري في
العراق, خاصة بعد أن وضع هذا النظام في الأسبوع الثاني من شباط(فبراير) الماضي,
ثلاثة من هذه الدروع لعدة ساعات على باب منشأة عسكرية!
ومن المهم ملاحظة, أنه منذ أسابيع, والآلاف من العرب والأجانب, يغادرون
العراق خوفاً من الحرب.. فهل يختلف هؤلاء عن البشر, وهل هم غير إنسانيين, لأنهم لم
يبقوا دروعاً بشرية?! لا أشك مطلقاً في رغبة هذه الدروع عدم نشوب الحرب.. ولكن أشك
بشكل مطلق, أن واحداً منهم قد سافر فعلاً ليقف بصدره العاري أمام القنابل
والمتفجرات, وهو يعرف مسبقاً أنه بهذا لن يمنع نشوب الحرب, ولن يدافع عن الشعب
العراقي, هذه التوضيحات كانت ضرورية عن هذه الدروع البشرية, كي لا يظن أحداً أن الآلاف
هذه مغرمة بنظام الديكتاتور والدفاع عنه.
جريدة (المؤتمر), لندن العدد 343, 28 مارس - 3 أبريل / نيسان2003
Admin- Admin
- عدد الرسائل : 102
العمر : 48
الموقع : الـٍـٍِـٍلـٍـٍِـٍهُـٍـٍِـٍمَ صَـٍـٍِـٍلْ عَـٍـٍِـٍلـٍـٍِـٍىَ مُـٍـٍِـٍحَـٍـٍِـٍمَـٍـٍِـٍدٍ وََأَلِ م
العمل/الترفيه : الـٍـٍِـٍلـٍـٍِـٍهُـٍـٍِـٍمَ صَـٍـٍِـٍلْ عَـٍـٍِـٍلـٍـٍِـٍىَ مُـٍـٍِـٍحَـٍـٍِـٍمَـٍـٍِـٍدٍ وََأَلِ م
المزاج : الـٍـٍِـٍلـٍـٍِـٍهُـٍـٍِـٍمَ صَـٍـٍِـٍلْ عَـٍـٍِـٍلـٍـٍِـٍىَ مُـٍـٍِـٍحَـٍـٍِـٍمَـٍـٍِـٍدٍ وََأَلِ م
تاريخ التسجيل : 01/04/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى