الفصل الثالث بقلم الدكتور بقلم د.أحمد أبو مطر_2
صفحة 1 من اصل 1
الفصل الثالث بقلم الدكتور بقلم د.أحمد أبو مطر_2
بقايات متعلقات صدام في قصوره..
وفي غرفة نومه كتاب عن ستالين 142 مكتباً و 64 حماماً و 22 مطبخاً وقاعات للرقص
وحظيرة للأسود والدببة.. ومناشف كريستيان ديور!
- بغداد - وكالات : على ضفاف
نهر دجلة, أحد قصور صدام حسين المكون من خمس بنايات كبيرة وفخمة. وليس واضحاً كم
من الوقت كان يخفي تحركاته لأسباب أمنية. ضُرِب قصر صدام حسين الذي لم يكتمل بعد
والمحاط بالسقالات بقنبلة وزنها 2000 رطل قبل أقل من إسبوعين, وتنتشر في الحديقة
الخلفية للقصر التي تقود إلى النهر, تماثيل لأشكال عارية وأسود من السيراميك مطلية
بماء الذهب. هناك مظاهر كثيرة على الثراء: حمام سباحة, مرآب خال للسيارات وحدائق
واسعة غنّاء.تزين العمارات صور صدام المخلوع في أوضاع مختلفة: وهو يمتطي حصاناً
مرة, ويحمل سيفاً مرة أخرى وبتمثال نصفي مرة ثالثة. وفي عمارة أخرى هناك بروفايل
له على الواجهة الصخرية للعمارة. وبالقرب من السلم الرخامي هناك صورة لعائلة صدام
في ملابس رسمية, صدام وزوجته وبناته وإبناه مع زوجتيهما, وإذا أخذنا بمحتويات
الغرف, فإن هذا القصر كانت تسكنه بصورة أساسية النساء والأطفال. فهناك بالداخل عدد
من خزانات الملابس المليئة بمئات القطع من الملابس والأحذية النسائية, ولعب
الأطفال المتناثرة في جميع الأنحاء بما فيها عدد من الاسكوترات المعدنية.
هناك عيادة أسنان مكتملة في
إحدى الغرف وبالقرب منها غرفة كوافيرة فاخرة, تتناثر فيها مجلات الموضة وعيادة
طبيب بها محل لكشف النظر, وبالطابق الأعلي جهاز تسجيل, وتمتلئ غرفة الحمام
الرئيسية بمناشف كريستيان ديور. ولكن أغراض صدام نفسه وجدت في قصر آخر. يتضح هنا
أن صدام كان يفضل السترات الايطالية من صنع كانالي ولوكا. ويفضل أربطة العنق
الحريرية ذات النقوش الدقيقة المتراصة, ويستخدم معجون الأسنان كولجيت.
كانت ملابس صدام معلقة بخزانة
للملابس بالطابق العلوي بواحدة من عشرات البنايات في مجمع القصر الذي يمتد ميلين
على الضفة الغربية لنهر دجلة. وعلى طاولة القهوة في منتصف إحدى الغرف هناك ألبوم
وصور لحفل زفاف, من ضمنها صورة لصدام وهو يقطع الكيكة وصور لإبنه عدي وقصي في
صغرهما.
كان الليفتاننت فيليب ديكامب,
الذي إقتحم القصر بعد قصف شديد, يتفرج علي تلك الصور. وكان يطلق صفارة خفيفة من
فمه وهو يحاول إستيعاب فكرة أنه يقف داخل الغرفة التي كان صدام ينام فيها, وربما
يكون قد فعل ذلك قبل فترة قصيرة جداً. قال ديكامب وهو يشير إلى ثلاث حقائب ممتلئة
بإحدى الغرف: » إسمع, ربما يكون هذا الرجل قد غادر في عجلة شديدة«. كان يوم الخميس
هو يوم الإكتشافات الخطيرة بالنسبة للجنود والقادة المعسكرين بالقصر بعد أن شارفت
معركة بغداد على نهايتها. وقد إكتشفوا حظيرة للأسود والفهود والدببة. ووجد كشافة
الفرقة الثالثة عنزة حية فذبحوها وقدموها للفهود الجائعة, وقد شاركتها الأسود
الثلاثة كذلك في الوليمة غير المتوقعة.كان القصر من الضخامة بحيث أمر ديكامب جنوده
بإحصاء الغرف وتدوينها. وقد أحصوا 142
مكتباً , 64 حماماً, 19 قاعة اجتماعات, 22 مطبخا, وغرف نوم لا حصر لها ولا عد,
هناك دار سينما, وخمس قاعات كبرى للرقص, وهناك قاعة رقص بحجم ميدان الكرة, وقد
تستغرق الجولة العابرة ساعات عدة, عبر الدهاليز والقاعات والمرايا الرخامية. في
غرفة صدام حسين عثر ديكامب على عدد من مجلة » نيوزويك« موضوع غلافه : » أسلوب
الحرب الأمريكية الجديدة: نظرة في التقنيات المتقدمة«. وقال ديكامب:
» أعتقد أنه كان يستعد
للقائنا«. ثم لمح قبعة مثل تلك التي كان
يرتديها صدام وهو يطلق الرصاص من بندقيته, وتأملها ديكامب وهو يبدي إعجابه بها,
وفي الغرف المجاورة كانت هناك صور عديدة لإمرأة واحدة, ربما بدل زرقاء وداكنة في
ركن إحدى غرف النوم, واضح أنها تخص صدام,
وهناك صفوف من القمصان بأزرارها الفرنسية الأنيقة على خزانة كبيرة. وفي غرفة أخرى
كانت هناك مجموعات من الكتب العربية, يحوي أحدها صورة لجوزيف ستالين الذي يقال أنه
كان المثل الأعلى لصدام.
توصل ضباط المخابرات الأمريكية
إلى أن صدام ظل مقيماً بهذا القصر حتى عهد قريب.ويقال أن هؤلاء الضباط قد عثروا
على بعض الوثائق التي تشير إلى مبيعات غير قانونية للنفط.
جريدة(المؤتمر) - لندن, 18
أبريل/نيسان 2003
آلاف العوائل العراقية تبحث عن
مفقوديها في المقابر الجماعي وليس لديها ما تستدل به على أبنائها سوى بقايا
ملابسهم
بغداد- الوكالات : كانت آخر مرة
رأى فيها طالب حسين أخويه عام 1992, قبل أن يقبض عليهما ضباط الإستخبارات العراقية.
وكاد الاستفسار عن مصيرهما يكلفه حياته قبل إطاحة صدام حسين في أبريل(نيسان).
واقتحم آلاف العراقيين مباني الإستخبارات وأجهزة الأمن التي إرتبط إسمها بعمليات
التعذيب وعثروا على وثائق, تُظهر كيف أعتقل وعُذبِّ وربما أعُدم أقاربهم.
وشكلت أسر المفقودين لجاناً
,وعرضت صور أحبائها وبدأت تنبش القبور الجماعية. ولم يعد حسين يخشى خمسة مخبرين
سريين يقيمون في بيوت عبر الشارع لمراقبته بعد إعتقال أخويه سعد وحامد لإشتراكهما
في مظاهرات الشيعة عام 1991 , لكن الحرية جاءت بخيبة أمل. فالمعلومات شحيحة عن أي
لشخص له صلة بقلاقل عام 1991 عندما سحقت قوات ودبابات صدام إنتفاضة الشيعة عقب حرب
الخليج لتحرير الكويت. قال حسين » زرنا خمسة قبور جماعية. كل يوم نسأل عن سعد
وحامد. ذهبنا إلى إدارة الأمن الخاص وأخذنا معنا حمولة شاحنة من الملفات, ولكننا
لا نعرف شيئاً. بل إنني عرضت إعطاء منزلي لعاملين بالمخابرات مقابل معلومات عن
أخوي«. ويشترك مع حسين في محنته آلاف العائلات العراقية التي تجاهد للعثور على
أحبائها أو إعادة دفنهم بصورة لائقة إذا كانوا قد ماتوا. وكثيرون قد لا يرون
أقاربهم مرة أخرى, خاصة في مدينة الصدر في
بغداد التي يقطنها نحو ثلاثة ملايين من الشيعة قمعتهم حكومة صدام. وشوارع مدينة
الصدر(أو صدام سابقاً) مليئة بالمطبات غارقة في مياه الصرف وتنتشر بها أكوام
القمامة العفنة.
ويعتقد حسين وعائلات كثيرة, أن
أقاربهم أعتقلوا وعذبوا وأعدموا ثم دفنوا على الأرجح في قبور جماعية. وحتى بإكتشاف
مزيد من القبور الجماعية وقد عثر على 40 حتى الآن, يتطلب التعرف على الجثث خبراء
في الطب الشرعي. سعداء الحظ هم الذين يتعرفون على موتاهم من ملابس كانوا يرتدونها
وقت إختفائهم. ويوجد في العراق حالياً
فريق من الخبراء الشرعيين البريطانيين لمساعدة الأسر في التعرف علي أقاربها,
وإقامة الدعاوي الجنائية ضد المسوولين عن قتلهم.
لكن العائلات التي هرعت إلى مقابر جماعية بعد سقوط صدام, أتلفت الأدلة مما
زاد من صعوبة مهمة الخبراء البريطانيين. كما أن العراق أمامه طريق طويل قبل قيام
نظام قضائي فعال. ولذلك ليس أمام حسين وعائلات المفقودين سوى الإنتظار.
وبينما يتوجه حسين إلى مكاتب
هيئات إنسانية, تساعد في البحث عن المفقودين, يذهب أخوه رعد 29, سنة إلى القبور
الجماعية في المدينة.ورعد هو عداء سابق ليس بحاجة ليتساءل عما إذا كان أخواه قد
تعرضا للتعذيب. فقد أعُتقل هو شخصياً عام 1992 بتهمة الإتصال بايران. وقال أنه تعرض للتعذيب بالصدمات الكهربائية,
وضرب على ساقيه بقضيب من الحديد أثناء سجنه لمدة سبع سنوات, وبخلاف الصور القديمة
يحمل الشقيقان ذكريات أخرى, فقد كانت زوجة حامد حاملاً في الشهر الثامن حين رأته
آخر مرة. وجلست إبنتهما وهي الآن في الثالثة عشرة في غرفة المعيشة وهي ترتدي
الحجاب والزي المدرسي, تستمع إلى الحديث عن أبيها وكيف أنه كان يقف بالقرب من
مظاهرة عندما إعتقلته الشرطة. وعلم حسين في وقت سابق من أصدقاء سألوا ضابطاً
بالاستخبارات, أن أخويه ماتا وأن الضابط نصحه بالتوقف عن البحث حتى لا يتعرض
للخطر. قال » سمعت أنهم كانوا يصبون البنزين في أفواههم ثم يطلقون النار عليهم
فتنفجر أجسامهم«.
وبالرغم من سعادتهم لسقوط صدام,
إلا أن حسين وكثيراً من العراقيين لا يثقون في الأمريكيين. وقال »المستقبل كئيب.
سنقاتل الأميركيين لأنهم يحتلون بلادنا. لكن حتى إذا رئيس الوزراء الاسرائيلي
إرييل شارون قد إحتلنا للتخلص من صدام فلا بأس. وعُلقِت صور المفقودين على مبنى
إحدى منظمات الإغاثة ومنها صورة عائلة
بأكملها. وفي داخل المبنى يُسجل الأهالي أسماء المفقودين في قوائم وسبب إعتقالهم.
وبعد سقوط صدام كان يأتي إلى المركز من 60 إلى 70 عائلة يوميا. وانخفض العدد الآن
إلى 10 أو 15 عائلة في اليوم تسأل عن أقارب إختفوا بعد قلاقل عام 1991 .
وتسعى لجنة تسمى » السجناء
الأحرار«, إتخذت من مقر الاستخبارات العراقية في بغداد مقراً, إلى مساعدة
العراقيين الساعين إلى معرفة مصير أقاربهم المفقودين. ووقف عشرات الأشخاص مصطفين
قلقين أمام جهاز كومبيوتر خزنت فيه أسماء مائتي ألف مفقود ,جمعتها اللجنة التي
أسسها سجناء سياسيون سابقون حصلوا على ملفات الشرطة وأجهزة إستخبارات النظام
المطاح به.
وتأتي ليلى عبد الحسين
وشقيقتهامريم إسبوعياً بحثاً عن أي معلومة بشأن شقيقهما فؤاد » الطالب المتفوق«,
الذي فقد سنة 1981 عندما كان عمره 25 سنة, وتقول ليلى: » ذهب ذات يوم إلى المسجد
ولم يعد. وبعد ثلاث سنوات قدمت الشرطة السرية إلى المنزل لتبلغنا أن علينا ألا
نقيم له جنازة. ولم يكن لدينا الحق في طرح
أسئلة«. وتضيف هذه السيدة الكردية الشيعية » لا أعتقد أنه لا يزال حياً. أريد فقط
أن أعرف ما حصل له وآمل أن أعثر على رفاته لدفنها في النجف« المدينة الشيعية التي
تقع على بعد 180 كلم جنوب بغداد. وقدرت منظمة » هيومن رايتس ووتش« الأميركية عدد
المفقودين في العراق بما لا يقل عن 290 ألف شخص, في حين قدرته منظمات إنسانية أخرى
ب¯ 800 ألف شخص, وأتى (إياد) وهو شيعي في الأربعين من العمر والعاطل عن العمل
للسؤال عن والده (سيد), الذي إعتقلته الشرطة السرية سنة 1980 ويقول إياد » كان
والدي صاحب محل محبوباً من جيرانه, كان يساعد الفقراء. أريد فقط أن أقيم له
جنازة«. إحياءاً لذكراه. ويتذكر محسن جلوب
كيف فجع بولديه. ويقول » كانا في الخامسة عشرة. فقد الأكبر سنة 1992 . وبعد عامين
جاء دور الأصغر وأضاف » لا أعرف إلى الآن ماذا حل لولديّ اللذين ما أزال أبكيهما.
ولو تمكنت من رؤيتهما لأبلغتهما أننا لم نعد نعيش في ظل الرعب وأن صدام رحل«. وبعد
انتظار دام ساعتين علمت الشقيقتان عبد المحسن أن أخاهما أعدم سنة 1982 . وقالت
مريم باكية » كان لدي بصيص أمل أنه لا يزال حياً. الآن كل شيء انتهى«. وأضافت ليلى
» وددت لو ضممته مرة أخرى إلى صدري. سيظل أبداً في قلوبنا«.
جريدة الشرق الأوسط, لندن 12
يونيو /حزيران 2003
وفي غرفة نومه كتاب عن ستالين 142 مكتباً و 64 حماماً و 22 مطبخاً وقاعات للرقص
وحظيرة للأسود والدببة.. ومناشف كريستيان ديور!
- بغداد - وكالات : على ضفاف
نهر دجلة, أحد قصور صدام حسين المكون من خمس بنايات كبيرة وفخمة. وليس واضحاً كم
من الوقت كان يخفي تحركاته لأسباب أمنية. ضُرِب قصر صدام حسين الذي لم يكتمل بعد
والمحاط بالسقالات بقنبلة وزنها 2000 رطل قبل أقل من إسبوعين, وتنتشر في الحديقة
الخلفية للقصر التي تقود إلى النهر, تماثيل لأشكال عارية وأسود من السيراميك مطلية
بماء الذهب. هناك مظاهر كثيرة على الثراء: حمام سباحة, مرآب خال للسيارات وحدائق
واسعة غنّاء.تزين العمارات صور صدام المخلوع في أوضاع مختلفة: وهو يمتطي حصاناً
مرة, ويحمل سيفاً مرة أخرى وبتمثال نصفي مرة ثالثة. وفي عمارة أخرى هناك بروفايل
له على الواجهة الصخرية للعمارة. وبالقرب من السلم الرخامي هناك صورة لعائلة صدام
في ملابس رسمية, صدام وزوجته وبناته وإبناه مع زوجتيهما, وإذا أخذنا بمحتويات
الغرف, فإن هذا القصر كانت تسكنه بصورة أساسية النساء والأطفال. فهناك بالداخل عدد
من خزانات الملابس المليئة بمئات القطع من الملابس والأحذية النسائية, ولعب
الأطفال المتناثرة في جميع الأنحاء بما فيها عدد من الاسكوترات المعدنية.
هناك عيادة أسنان مكتملة في
إحدى الغرف وبالقرب منها غرفة كوافيرة فاخرة, تتناثر فيها مجلات الموضة وعيادة
طبيب بها محل لكشف النظر, وبالطابق الأعلي جهاز تسجيل, وتمتلئ غرفة الحمام
الرئيسية بمناشف كريستيان ديور. ولكن أغراض صدام نفسه وجدت في قصر آخر. يتضح هنا
أن صدام كان يفضل السترات الايطالية من صنع كانالي ولوكا. ويفضل أربطة العنق
الحريرية ذات النقوش الدقيقة المتراصة, ويستخدم معجون الأسنان كولجيت.
كانت ملابس صدام معلقة بخزانة
للملابس بالطابق العلوي بواحدة من عشرات البنايات في مجمع القصر الذي يمتد ميلين
على الضفة الغربية لنهر دجلة. وعلى طاولة القهوة في منتصف إحدى الغرف هناك ألبوم
وصور لحفل زفاف, من ضمنها صورة لصدام وهو يقطع الكيكة وصور لإبنه عدي وقصي في
صغرهما.
كان الليفتاننت فيليب ديكامب,
الذي إقتحم القصر بعد قصف شديد, يتفرج علي تلك الصور. وكان يطلق صفارة خفيفة من
فمه وهو يحاول إستيعاب فكرة أنه يقف داخل الغرفة التي كان صدام ينام فيها, وربما
يكون قد فعل ذلك قبل فترة قصيرة جداً. قال ديكامب وهو يشير إلى ثلاث حقائب ممتلئة
بإحدى الغرف: » إسمع, ربما يكون هذا الرجل قد غادر في عجلة شديدة«. كان يوم الخميس
هو يوم الإكتشافات الخطيرة بالنسبة للجنود والقادة المعسكرين بالقصر بعد أن شارفت
معركة بغداد على نهايتها. وقد إكتشفوا حظيرة للأسود والفهود والدببة. ووجد كشافة
الفرقة الثالثة عنزة حية فذبحوها وقدموها للفهود الجائعة, وقد شاركتها الأسود
الثلاثة كذلك في الوليمة غير المتوقعة.كان القصر من الضخامة بحيث أمر ديكامب جنوده
بإحصاء الغرف وتدوينها. وقد أحصوا 142
مكتباً , 64 حماماً, 19 قاعة اجتماعات, 22 مطبخا, وغرف نوم لا حصر لها ولا عد,
هناك دار سينما, وخمس قاعات كبرى للرقص, وهناك قاعة رقص بحجم ميدان الكرة, وقد
تستغرق الجولة العابرة ساعات عدة, عبر الدهاليز والقاعات والمرايا الرخامية. في
غرفة صدام حسين عثر ديكامب على عدد من مجلة » نيوزويك« موضوع غلافه : » أسلوب
الحرب الأمريكية الجديدة: نظرة في التقنيات المتقدمة«. وقال ديكامب:
» أعتقد أنه كان يستعد
للقائنا«. ثم لمح قبعة مثل تلك التي كان
يرتديها صدام وهو يطلق الرصاص من بندقيته, وتأملها ديكامب وهو يبدي إعجابه بها,
وفي الغرف المجاورة كانت هناك صور عديدة لإمرأة واحدة, ربما بدل زرقاء وداكنة في
ركن إحدى غرف النوم, واضح أنها تخص صدام,
وهناك صفوف من القمصان بأزرارها الفرنسية الأنيقة على خزانة كبيرة. وفي غرفة أخرى
كانت هناك مجموعات من الكتب العربية, يحوي أحدها صورة لجوزيف ستالين الذي يقال أنه
كان المثل الأعلى لصدام.
توصل ضباط المخابرات الأمريكية
إلى أن صدام ظل مقيماً بهذا القصر حتى عهد قريب.ويقال أن هؤلاء الضباط قد عثروا
على بعض الوثائق التي تشير إلى مبيعات غير قانونية للنفط.
جريدة(المؤتمر) - لندن, 18
أبريل/نيسان 2003
آلاف العوائل العراقية تبحث عن
مفقوديها في المقابر الجماعي وليس لديها ما تستدل به على أبنائها سوى بقايا
ملابسهم
بغداد- الوكالات : كانت آخر مرة
رأى فيها طالب حسين أخويه عام 1992, قبل أن يقبض عليهما ضباط الإستخبارات العراقية.
وكاد الاستفسار عن مصيرهما يكلفه حياته قبل إطاحة صدام حسين في أبريل(نيسان).
واقتحم آلاف العراقيين مباني الإستخبارات وأجهزة الأمن التي إرتبط إسمها بعمليات
التعذيب وعثروا على وثائق, تُظهر كيف أعتقل وعُذبِّ وربما أعُدم أقاربهم.
وشكلت أسر المفقودين لجاناً
,وعرضت صور أحبائها وبدأت تنبش القبور الجماعية. ولم يعد حسين يخشى خمسة مخبرين
سريين يقيمون في بيوت عبر الشارع لمراقبته بعد إعتقال أخويه سعد وحامد لإشتراكهما
في مظاهرات الشيعة عام 1991 , لكن الحرية جاءت بخيبة أمل. فالمعلومات شحيحة عن أي
لشخص له صلة بقلاقل عام 1991 عندما سحقت قوات ودبابات صدام إنتفاضة الشيعة عقب حرب
الخليج لتحرير الكويت. قال حسين » زرنا خمسة قبور جماعية. كل يوم نسأل عن سعد
وحامد. ذهبنا إلى إدارة الأمن الخاص وأخذنا معنا حمولة شاحنة من الملفات, ولكننا
لا نعرف شيئاً. بل إنني عرضت إعطاء منزلي لعاملين بالمخابرات مقابل معلومات عن
أخوي«. ويشترك مع حسين في محنته آلاف العائلات العراقية التي تجاهد للعثور على
أحبائها أو إعادة دفنهم بصورة لائقة إذا كانوا قد ماتوا. وكثيرون قد لا يرون
أقاربهم مرة أخرى, خاصة في مدينة الصدر في
بغداد التي يقطنها نحو ثلاثة ملايين من الشيعة قمعتهم حكومة صدام. وشوارع مدينة
الصدر(أو صدام سابقاً) مليئة بالمطبات غارقة في مياه الصرف وتنتشر بها أكوام
القمامة العفنة.
ويعتقد حسين وعائلات كثيرة, أن
أقاربهم أعتقلوا وعذبوا وأعدموا ثم دفنوا على الأرجح في قبور جماعية. وحتى بإكتشاف
مزيد من القبور الجماعية وقد عثر على 40 حتى الآن, يتطلب التعرف على الجثث خبراء
في الطب الشرعي. سعداء الحظ هم الذين يتعرفون على موتاهم من ملابس كانوا يرتدونها
وقت إختفائهم. ويوجد في العراق حالياً
فريق من الخبراء الشرعيين البريطانيين لمساعدة الأسر في التعرف علي أقاربها,
وإقامة الدعاوي الجنائية ضد المسوولين عن قتلهم.
لكن العائلات التي هرعت إلى مقابر جماعية بعد سقوط صدام, أتلفت الأدلة مما
زاد من صعوبة مهمة الخبراء البريطانيين. كما أن العراق أمامه طريق طويل قبل قيام
نظام قضائي فعال. ولذلك ليس أمام حسين وعائلات المفقودين سوى الإنتظار.
وبينما يتوجه حسين إلى مكاتب
هيئات إنسانية, تساعد في البحث عن المفقودين, يذهب أخوه رعد 29, سنة إلى القبور
الجماعية في المدينة.ورعد هو عداء سابق ليس بحاجة ليتساءل عما إذا كان أخواه قد
تعرضا للتعذيب. فقد أعُتقل هو شخصياً عام 1992 بتهمة الإتصال بايران. وقال أنه تعرض للتعذيب بالصدمات الكهربائية,
وضرب على ساقيه بقضيب من الحديد أثناء سجنه لمدة سبع سنوات, وبخلاف الصور القديمة
يحمل الشقيقان ذكريات أخرى, فقد كانت زوجة حامد حاملاً في الشهر الثامن حين رأته
آخر مرة. وجلست إبنتهما وهي الآن في الثالثة عشرة في غرفة المعيشة وهي ترتدي
الحجاب والزي المدرسي, تستمع إلى الحديث عن أبيها وكيف أنه كان يقف بالقرب من
مظاهرة عندما إعتقلته الشرطة. وعلم حسين في وقت سابق من أصدقاء سألوا ضابطاً
بالاستخبارات, أن أخويه ماتا وأن الضابط نصحه بالتوقف عن البحث حتى لا يتعرض
للخطر. قال » سمعت أنهم كانوا يصبون البنزين في أفواههم ثم يطلقون النار عليهم
فتنفجر أجسامهم«.
وبالرغم من سعادتهم لسقوط صدام,
إلا أن حسين وكثيراً من العراقيين لا يثقون في الأمريكيين. وقال »المستقبل كئيب.
سنقاتل الأميركيين لأنهم يحتلون بلادنا. لكن حتى إذا رئيس الوزراء الاسرائيلي
إرييل شارون قد إحتلنا للتخلص من صدام فلا بأس. وعُلقِت صور المفقودين على مبنى
إحدى منظمات الإغاثة ومنها صورة عائلة
بأكملها. وفي داخل المبنى يُسجل الأهالي أسماء المفقودين في قوائم وسبب إعتقالهم.
وبعد سقوط صدام كان يأتي إلى المركز من 60 إلى 70 عائلة يوميا. وانخفض العدد الآن
إلى 10 أو 15 عائلة في اليوم تسأل عن أقارب إختفوا بعد قلاقل عام 1991 .
وتسعى لجنة تسمى » السجناء
الأحرار«, إتخذت من مقر الاستخبارات العراقية في بغداد مقراً, إلى مساعدة
العراقيين الساعين إلى معرفة مصير أقاربهم المفقودين. ووقف عشرات الأشخاص مصطفين
قلقين أمام جهاز كومبيوتر خزنت فيه أسماء مائتي ألف مفقود ,جمعتها اللجنة التي
أسسها سجناء سياسيون سابقون حصلوا على ملفات الشرطة وأجهزة إستخبارات النظام
المطاح به.
وتأتي ليلى عبد الحسين
وشقيقتهامريم إسبوعياً بحثاً عن أي معلومة بشأن شقيقهما فؤاد » الطالب المتفوق«,
الذي فقد سنة 1981 عندما كان عمره 25 سنة, وتقول ليلى: » ذهب ذات يوم إلى المسجد
ولم يعد. وبعد ثلاث سنوات قدمت الشرطة السرية إلى المنزل لتبلغنا أن علينا ألا
نقيم له جنازة. ولم يكن لدينا الحق في طرح
أسئلة«. وتضيف هذه السيدة الكردية الشيعية » لا أعتقد أنه لا يزال حياً. أريد فقط
أن أعرف ما حصل له وآمل أن أعثر على رفاته لدفنها في النجف« المدينة الشيعية التي
تقع على بعد 180 كلم جنوب بغداد. وقدرت منظمة » هيومن رايتس ووتش« الأميركية عدد
المفقودين في العراق بما لا يقل عن 290 ألف شخص, في حين قدرته منظمات إنسانية أخرى
ب¯ 800 ألف شخص, وأتى (إياد) وهو شيعي في الأربعين من العمر والعاطل عن العمل
للسؤال عن والده (سيد), الذي إعتقلته الشرطة السرية سنة 1980 ويقول إياد » كان
والدي صاحب محل محبوباً من جيرانه, كان يساعد الفقراء. أريد فقط أن أقيم له
جنازة«. إحياءاً لذكراه. ويتذكر محسن جلوب
كيف فجع بولديه. ويقول » كانا في الخامسة عشرة. فقد الأكبر سنة 1992 . وبعد عامين
جاء دور الأصغر وأضاف » لا أعرف إلى الآن ماذا حل لولديّ اللذين ما أزال أبكيهما.
ولو تمكنت من رؤيتهما لأبلغتهما أننا لم نعد نعيش في ظل الرعب وأن صدام رحل«. وبعد
انتظار دام ساعتين علمت الشقيقتان عبد المحسن أن أخاهما أعدم سنة 1982 . وقالت
مريم باكية » كان لدي بصيص أمل أنه لا يزال حياً. الآن كل شيء انتهى«. وأضافت ليلى
» وددت لو ضممته مرة أخرى إلى صدري. سيظل أبداً في قلوبنا«.
جريدة الشرق الأوسط, لندن 12
يونيو /حزيران 2003
Admin- Admin
- عدد الرسائل : 102
العمر : 48
الموقع : الـٍـٍِـٍلـٍـٍِـٍهُـٍـٍِـٍمَ صَـٍـٍِـٍلْ عَـٍـٍِـٍلـٍـٍِـٍىَ مُـٍـٍِـٍحَـٍـٍِـٍمَـٍـٍِـٍدٍ وََأَلِ م
العمل/الترفيه : الـٍـٍِـٍلـٍـٍِـٍهُـٍـٍِـٍمَ صَـٍـٍِـٍلْ عَـٍـٍِـٍلـٍـٍِـٍىَ مُـٍـٍِـٍحَـٍـٍِـٍمَـٍـٍِـٍدٍ وََأَلِ م
المزاج : الـٍـٍِـٍلـٍـٍِـٍهُـٍـٍِـٍمَ صَـٍـٍِـٍلْ عَـٍـٍِـٍلـٍـٍِـٍىَ مُـٍـٍِـٍحَـٍـٍِـٍمَـٍـٍِـٍدٍ وََأَلِ م
تاريخ التسجيل : 01/04/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى