الفصل الثالث بقلم الدكتور بقلم د.أحمد أبو مطر_4
صفحة 1 من اصل 1
الفصل الثالث بقلم الدكتور بقلم د.أحمد أبو مطر_4
المقبرة الجماعية المكتشفة جنوب
بغداد تثير الذهول في أوساط العراقيين وذوو المفقودين ينبشونها بحثاً عن متعلقات
شخصية تدلهم علي رفاتهم
سكان المحاويل يتذكرون الشاحنات
التي كانت تجلب الضحايا إلى المنطقة عام 1991 ليعدموا ويدفنوا فيها
المحاويل (وسط العراق)
باتريك تيلر
عندما بدأت الحافلات والشاحنات
الصغيرة في الوصول إلى هذا المكان مرتين يومياً, في أبريل (نيسان) 1991 لإفراغ
شحناتها من الضحايا, كان حسن مكي يحاول أن يحصي على وجه التقدير عدد الشيعة الذين
اختفوا أمام عينيه. جرى نقل الضحايا بالحافلات والشاحنات عبر طريق ترابي إلى أهوار
تقع بجوار مصنع للطوب, حيث أنُزلوا إلى الأرض, إلا أن حسن لم يتمكن من رؤية المنظر
بوضوح بسبب الضباب الذي يعلو الأهوار في هذه المنطقة في وسط العراق على بعد حوالي
50 ميلاً إلى الجنوب من بغداد.
بدأ بعد ذلك إطلاق النار, وبدأ
أيضاً سقوط الضحايا على الأرض, ثم جاءت جرافة هالت التراب على الجثث في الموقع
الذي إتضح الآن أنه واحد من أكبر المقابر الجماعية التي أكُتشفت في العراق, إذ
يقدر عدد الجثث التي عثر عليها فيها حتى الآن حوالي ثلاثة آلاف جثة . عقب التخلص
من الجثث بدأت عملية إعدام جماعي أخرى بعد
وصول حافلة أخرى من الضحايا.
إقترب أىضاً المزارع سليم ناصر
من موقع الإعدام الجماعي, في ذلك المكان عقب فشل انتفاضة الشيعة في الجنوب,
والوحشية التي قمع بها صدام حسين المشاركين فيها. إلا أن ضابط أمن حذر سليم بصورة
فظة من أنه إذا لم يلتزم الصمت ويبعد عن مزرعته عند تنفيذ عمليات الإعدام الجماعي,
فإن مصيره سيكون الموت أىضاً. قال سليم أنه أكد للضابط أنه لن يقترب من المنطقة,
وأضاف أنه لم يكن أمامه خيار آخر سوى الصمت والإبتعاد وإلا فإن مصيره سيكون موتاً
محققاً.
لم يكن سليم ناصر وحسن مكي
وحدهما اللذين يعرفان ما حدث في هذه المنطقة, فالسكان الذين يقطنون المنطقة حول
مصنع المحاويل للطوب, كانوا يسمعون بوضوح إطلاق الرصاص ,وإلقاء الجثث داخل
الأهوار, أو تغطيتها بالتراب بواسطة جرافة. ويقول حسن مكي أن سائق تلك الجرافة كان
قاسياً, فقد تباهى بأنه قتل أُما ًورضيعها
بإطلاق الرصاص على الأم أولاً ثم وضع الرضيع في حضنها وأطلق الرصاص عليه.
وبدأ سكان هذه المنطقة قبل ما
يزيد على إسبوع بالإستعداد لإحصاء نهائي لما فعله صدام حسين هنا, فقد كشفت جثث
أشخاص ظل سكان القرية يعرفون أنها مدفونة في هذا المكان منذ أكثرمن 10 سنوات.
وتمتد المقابر الجماعية عبر منطقة زراعية, وأحد المواقع عبارة عن حفرة ضخمة, وآخر
تبلغ مساحته ما بين 10 و 12 فداناً, ووضع العمال الذين نبشوا هذه القبور بقايا جثث
الضحايا في أكياس بلاستيكية, فيما تم لف أخرى بعناية داخل حزم, وعثر أيضاً علي
بطاقات هوية لبعض الضحايا, غير أن المعلومات المدونة عليها, أصبحت باهتة بسبب طول
الفترة, ولكن ما تبقى من ملامح الصورة ربما يساعد على تحديد هوية الشخص, ووضعت
بطاقات الهوية مفتوحة علها تساعد ذوي الضحايا في التعرف عليهم.
ووضعت مع الجثث أىضاً بعض
المتعلقات, مثل الساعات والمسابح والملابس ذات التصميم والأشكال التي ربما تساعد
في التعرف على الشخص بواسطة ذويه. وهناك مؤشرات على وجود عصابات تلف الكثير من
جماجم الضحايا التي ظهرت عليها إصابات إعدام واضحة. وفي بعض الأكياس توجد عظام
أكثر من شخص واحد, ربما لأم وطفلها. ويقول مكي أنه أحصى أول من أمس بقايا حوالي
3000 جثة.
جدير بالذكر أن أجهزة أمن نظام
الرئيس المخلوع صدام حسين حولت هذا المكان إلى ساحة لإعدام الشيعة الذين إنتفضوا
ضد حكمه خلال شهري فبراير(شباط) ومارس(آذار) عام 1991, فقد إختفى في تلك الفترة
آلاف الأكراد في الشمال والآلاف من الشيعة في الجنوب.
محمود شكر عبدالحسين, أخصائي
الكيمياء الحيوية بمعهد البصرة التقني, يتذكر جيداً أنه ربما كان سيصبح واحداً من
الذين أخرجت رفاتهم من هذه المقابر الجماعية أول من أمس, فقد إعتقلته قوات الأمن
العراقية وهو ينقل مقاتلين شيعة جرحى بسيارته إلى المستشفى خلال الانتفاضة ونُقل
عبد الحسين و400 شخص آخر إلى مستودع بمدينة البصرة حيث وجدوا علي حس المجيد(علي
الكيماوي) ,وهو ممسك ببندقية كلاشينكوف, وجهها صوب المجموعة. ويتذكر عبدالحسين أن علي حسن المجيد صاح في وجه واحد من المعتقلين:
» هل أنت معهم?« ثم أرداه قتيلاً قبل أن يسمع حتى الإجابة على سؤاله, ثم ردد نفس
السؤال على 13 شخصاً من تلك المجموعة ثم أطلق عليهم الرصاص قبل أن يسلم سلاحه لأحد
الحراس ويغادر. وقال عبدالحسين أنه نجا من الموت لأنه يتحدر من أسرة ثرية دفعت نصف
مليون دولار لإطلاق سراحه , ولا يزال يشعر
بالقلق إزاء ما فعله صدام حسين بالشيعة. ويدرك كل الشيعة في هذه المنطقة أن
معرفة مصير المختفين مهمة كانوا سيواجهونها بعد رحيل نظام صدام حسين, ولكن ليس
هناك من هو متأكد من أن صدام حسين قد ذهب بالفعل, فحتى الآن, كما يقول مكي, عندما
يتحدث الناس عن صدام, يتلفت الناس حولهم لأنهم لا يزالون يشعرون بالخوف. ويعتقد
مكي أن نتائج مسح أولى تشير إلى أن ما لا يقل عن 11 ألف عراقي قد قتلوا في هذه
المنطقة, وأن عمليات البحث عن جثثهم ستستمر لفترة طويلة. ويصاب الشخص بقشعريرة عند
رؤية هذا الكم الهائل من العظام البشرية المختلطة بالملابس التي كانت ترتديها
ضحايا الجماجم المنثورة وسط البقايا البشرية. وبدا المنظر لأول وهلة وكأن المئات
من حزم الملابس قد وضعت على شوارع وممرات عالية, تشق أهوار هذه المنطقة. وعلّق
المزارع سليم ناصر قائلاً :إنهم كانوا يعرفون أن هناك الكثيرمن القتلى المدفونين
في هذا المكان, وأن إخواناً لهم مسلمين قد دفنوا بصورة غير صحيحة, ولكن لم يكن
بوسع أحد التفوه بكلمة واحدة حول هذا الأمر.
ووسط الهياكل البشرية المنتشرة
في المكان, كان عبد الأمير وصباح النجم يبحثان فجر أمس عن شقيق لهما إختفي عندما
كان عمره 20 عاماً, فقد أرسل لهما صديق
مذكرة ,أبلغهما فيها بأن بطاقة هويته عثر عليها ضمن واحد من أكوام العظام
والملابس التي أخرجت من المقبرة الجماعية. يقول الطبيب رافد الحسيني, المسؤول عن
إحصاء الأشخاص المدفونين في المقابر الجماعية, أن واحدة من القوائم التي أعدت تضم
674 اسماً, فيما علق علي قاسم الذي يعمل ميكانيكياً بمصنع الطوب, أنه من الصعب على الشعب العراقي
تصور ما فعله صدام حسين« .
* خدمة » نيويورك تايمز«- خاص ب
» الشرق الأوسط«.
بغداد تثير الذهول في أوساط العراقيين وذوو المفقودين ينبشونها بحثاً عن متعلقات
شخصية تدلهم علي رفاتهم
سكان المحاويل يتذكرون الشاحنات
التي كانت تجلب الضحايا إلى المنطقة عام 1991 ليعدموا ويدفنوا فيها
المحاويل (وسط العراق)
باتريك تيلر
عندما بدأت الحافلات والشاحنات
الصغيرة في الوصول إلى هذا المكان مرتين يومياً, في أبريل (نيسان) 1991 لإفراغ
شحناتها من الضحايا, كان حسن مكي يحاول أن يحصي على وجه التقدير عدد الشيعة الذين
اختفوا أمام عينيه. جرى نقل الضحايا بالحافلات والشاحنات عبر طريق ترابي إلى أهوار
تقع بجوار مصنع للطوب, حيث أنُزلوا إلى الأرض, إلا أن حسن لم يتمكن من رؤية المنظر
بوضوح بسبب الضباب الذي يعلو الأهوار في هذه المنطقة في وسط العراق على بعد حوالي
50 ميلاً إلى الجنوب من بغداد.
بدأ بعد ذلك إطلاق النار, وبدأ
أيضاً سقوط الضحايا على الأرض, ثم جاءت جرافة هالت التراب على الجثث في الموقع
الذي إتضح الآن أنه واحد من أكبر المقابر الجماعية التي أكُتشفت في العراق, إذ
يقدر عدد الجثث التي عثر عليها فيها حتى الآن حوالي ثلاثة آلاف جثة . عقب التخلص
من الجثث بدأت عملية إعدام جماعي أخرى بعد
وصول حافلة أخرى من الضحايا.
إقترب أىضاً المزارع سليم ناصر
من موقع الإعدام الجماعي, في ذلك المكان عقب فشل انتفاضة الشيعة في الجنوب,
والوحشية التي قمع بها صدام حسين المشاركين فيها. إلا أن ضابط أمن حذر سليم بصورة
فظة من أنه إذا لم يلتزم الصمت ويبعد عن مزرعته عند تنفيذ عمليات الإعدام الجماعي,
فإن مصيره سيكون الموت أىضاً. قال سليم أنه أكد للضابط أنه لن يقترب من المنطقة,
وأضاف أنه لم يكن أمامه خيار آخر سوى الصمت والإبتعاد وإلا فإن مصيره سيكون موتاً
محققاً.
لم يكن سليم ناصر وحسن مكي
وحدهما اللذين يعرفان ما حدث في هذه المنطقة, فالسكان الذين يقطنون المنطقة حول
مصنع المحاويل للطوب, كانوا يسمعون بوضوح إطلاق الرصاص ,وإلقاء الجثث داخل
الأهوار, أو تغطيتها بالتراب بواسطة جرافة. ويقول حسن مكي أن سائق تلك الجرافة كان
قاسياً, فقد تباهى بأنه قتل أُما ًورضيعها
بإطلاق الرصاص على الأم أولاً ثم وضع الرضيع في حضنها وأطلق الرصاص عليه.
وبدأ سكان هذه المنطقة قبل ما
يزيد على إسبوع بالإستعداد لإحصاء نهائي لما فعله صدام حسين هنا, فقد كشفت جثث
أشخاص ظل سكان القرية يعرفون أنها مدفونة في هذا المكان منذ أكثرمن 10 سنوات.
وتمتد المقابر الجماعية عبر منطقة زراعية, وأحد المواقع عبارة عن حفرة ضخمة, وآخر
تبلغ مساحته ما بين 10 و 12 فداناً, ووضع العمال الذين نبشوا هذه القبور بقايا جثث
الضحايا في أكياس بلاستيكية, فيما تم لف أخرى بعناية داخل حزم, وعثر أيضاً علي
بطاقات هوية لبعض الضحايا, غير أن المعلومات المدونة عليها, أصبحت باهتة بسبب طول
الفترة, ولكن ما تبقى من ملامح الصورة ربما يساعد على تحديد هوية الشخص, ووضعت
بطاقات الهوية مفتوحة علها تساعد ذوي الضحايا في التعرف عليهم.
ووضعت مع الجثث أىضاً بعض
المتعلقات, مثل الساعات والمسابح والملابس ذات التصميم والأشكال التي ربما تساعد
في التعرف على الشخص بواسطة ذويه. وهناك مؤشرات على وجود عصابات تلف الكثير من
جماجم الضحايا التي ظهرت عليها إصابات إعدام واضحة. وفي بعض الأكياس توجد عظام
أكثر من شخص واحد, ربما لأم وطفلها. ويقول مكي أنه أحصى أول من أمس بقايا حوالي
3000 جثة.
جدير بالذكر أن أجهزة أمن نظام
الرئيس المخلوع صدام حسين حولت هذا المكان إلى ساحة لإعدام الشيعة الذين إنتفضوا
ضد حكمه خلال شهري فبراير(شباط) ومارس(آذار) عام 1991, فقد إختفى في تلك الفترة
آلاف الأكراد في الشمال والآلاف من الشيعة في الجنوب.
محمود شكر عبدالحسين, أخصائي
الكيمياء الحيوية بمعهد البصرة التقني, يتذكر جيداً أنه ربما كان سيصبح واحداً من
الذين أخرجت رفاتهم من هذه المقابر الجماعية أول من أمس, فقد إعتقلته قوات الأمن
العراقية وهو ينقل مقاتلين شيعة جرحى بسيارته إلى المستشفى خلال الانتفاضة ونُقل
عبد الحسين و400 شخص آخر إلى مستودع بمدينة البصرة حيث وجدوا علي حس المجيد(علي
الكيماوي) ,وهو ممسك ببندقية كلاشينكوف, وجهها صوب المجموعة. ويتذكر عبدالحسين أن علي حسن المجيد صاح في وجه واحد من المعتقلين:
» هل أنت معهم?« ثم أرداه قتيلاً قبل أن يسمع حتى الإجابة على سؤاله, ثم ردد نفس
السؤال على 13 شخصاً من تلك المجموعة ثم أطلق عليهم الرصاص قبل أن يسلم سلاحه لأحد
الحراس ويغادر. وقال عبدالحسين أنه نجا من الموت لأنه يتحدر من أسرة ثرية دفعت نصف
مليون دولار لإطلاق سراحه , ولا يزال يشعر
بالقلق إزاء ما فعله صدام حسين بالشيعة. ويدرك كل الشيعة في هذه المنطقة أن
معرفة مصير المختفين مهمة كانوا سيواجهونها بعد رحيل نظام صدام حسين, ولكن ليس
هناك من هو متأكد من أن صدام حسين قد ذهب بالفعل, فحتى الآن, كما يقول مكي, عندما
يتحدث الناس عن صدام, يتلفت الناس حولهم لأنهم لا يزالون يشعرون بالخوف. ويعتقد
مكي أن نتائج مسح أولى تشير إلى أن ما لا يقل عن 11 ألف عراقي قد قتلوا في هذه
المنطقة, وأن عمليات البحث عن جثثهم ستستمر لفترة طويلة. ويصاب الشخص بقشعريرة عند
رؤية هذا الكم الهائل من العظام البشرية المختلطة بالملابس التي كانت ترتديها
ضحايا الجماجم المنثورة وسط البقايا البشرية. وبدا المنظر لأول وهلة وكأن المئات
من حزم الملابس قد وضعت على شوارع وممرات عالية, تشق أهوار هذه المنطقة. وعلّق
المزارع سليم ناصر قائلاً :إنهم كانوا يعرفون أن هناك الكثيرمن القتلى المدفونين
في هذا المكان, وأن إخواناً لهم مسلمين قد دفنوا بصورة غير صحيحة, ولكن لم يكن
بوسع أحد التفوه بكلمة واحدة حول هذا الأمر.
ووسط الهياكل البشرية المنتشرة
في المكان, كان عبد الأمير وصباح النجم يبحثان فجر أمس عن شقيق لهما إختفي عندما
كان عمره 20 عاماً, فقد أرسل لهما صديق
مذكرة ,أبلغهما فيها بأن بطاقة هويته عثر عليها ضمن واحد من أكوام العظام
والملابس التي أخرجت من المقبرة الجماعية. يقول الطبيب رافد الحسيني, المسؤول عن
إحصاء الأشخاص المدفونين في المقابر الجماعية, أن واحدة من القوائم التي أعدت تضم
674 اسماً, فيما علق علي قاسم الذي يعمل ميكانيكياً بمصنع الطوب, أنه من الصعب على الشعب العراقي
تصور ما فعله صدام حسين« .
* خدمة » نيويورك تايمز«- خاص ب
» الشرق الأوسط«.
Admin- Admin
- عدد الرسائل : 102
العمر : 48
الموقع : الـٍـٍِـٍلـٍـٍِـٍهُـٍـٍِـٍمَ صَـٍـٍِـٍلْ عَـٍـٍِـٍلـٍـٍِـٍىَ مُـٍـٍِـٍحَـٍـٍِـٍمَـٍـٍِـٍدٍ وََأَلِ م
العمل/الترفيه : الـٍـٍِـٍلـٍـٍِـٍهُـٍـٍِـٍمَ صَـٍـٍِـٍلْ عَـٍـٍِـٍلـٍـٍِـٍىَ مُـٍـٍِـٍحَـٍـٍِـٍمَـٍـٍِـٍدٍ وََأَلِ م
المزاج : الـٍـٍِـٍلـٍـٍِـٍهُـٍـٍِـٍمَ صَـٍـٍِـٍلْ عَـٍـٍِـٍلـٍـٍِـٍىَ مُـٍـٍِـٍحَـٍـٍِـٍمَـٍـٍِـٍدٍ وََأَلِ م
تاريخ التسجيل : 01/04/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى