الفصل الثالث بقلم الدكتور بقلم د.أحمد أبو مطر_11
صفحة 1 من اصل 1
الفصل الثالث بقلم الدكتور بقلم د.أحمد أبو مطر_11
داخل قصور صدام وكبار مساعديه:
بذخ فاحش وخمور مستوردة وصور خليعة وخزف منهوب من الكويت
بغاد: ديفيد زوكينو *
سقط نظام صدام حسين وتتساقط
أسسه ودعاماته تحت وقع أقدام الجنود الأمريكيين, ففي مقر الدعاية الرئيسي للرئيس
المخلوع تحملق عيناه من مئات الصور المشتتة فوق أرضيات الطوابق القذرة, وهي صور
التقطت في مختلف المناسبات خلال حكم إمتد على مدى ثلاثة عقود. ففي واحدة من الصور
يظهر صدام وهو يستقبل ياسر عرفات والملك حسين ,ويظهر في أخرى وهو يقبل أطفالاً
ويستقبل أفراد كوماندوز, إلا أن هذه الصور هُشمت تماماً وإنتشر زجاج إطاراتها على
أرضيات طوابق المبنى.
القصور والفلل الفاخرة التي
يملكها صدام حسين والأصدقاء المقربون جردت تماماً وفتحت لكشف الأبهة التي كان يعيش
فيها ساكنوها. على الرغم من إدعاءات التدين والورع, فإن ما إتضح كشف بوضوح أن
النخبة العراقية الحاكمة كانت تتبع نمط حياة غربي حتى النخاع, إذ أن منازلهم تحوي أجهزة الكومبيوتر الأميركية الصنع
والويسكي والأفلام الفاضحة وأفلام الفيديو وتسجيلات البوب. كان أفراد هذه النخبة
مولعين بقيادة سيارات الشيفروليه الواسعة وتدخين سجائر المارلبورو وقراءة مجلة
»نيوزويك«. كانوا أىضاً يستخدمون مسدسات من طراز » بيريتا« ومسدسات » سميث آند
ويسون« الخاصة ذات المدى القصير ويحتسون الشمبانيا الفرنسية وشراب الجن.
إن فترة أسبوع من التجول والبحث
وسط أنقاض الأبنية التي يضمها القصر ومجمع القصر الرئاسي, يمكن أن تكشف بوضوح عن
طبيعة نظام حكم كان مولعاً بالراحة والحياة المترفة في وضع يتسم بالأبهة والإبتذال
في نفس الوقت.
فالمنطقة الواقعة إلى الغرب من
نهر دجلة, وهي منطقة حجبت بإستمرار عن أنظار المواطن العراقي العادي من خلال
الجدران العملاقة العالية, كانت في واقع الأمر عبارة عن ناد ريفي خاص يحتوي على
أحواض السباحة وغرف لممارسة هواية رفع الأثقال وأرضيات من الرخام اللامع وشاشات
تلفزيون عملاقة وقوارب صغيرة للتجول عبر قنوات مائية داخل القصر أطرافها منحوتة من
حجر مصقول.
والمئات من المسؤولين البارزين
في حزب البعث والحرس الجمهوري, الذين كانوا يعيشون في قصور ومنازل فاخرة, ذات
حدائق غناء وبساتين لم يستطيعوا في ما
يبدو حمل الصناديق التي ملأوها بالأوراق المالية من فئة المائة دولار أميركي, إذ
عثر جنود أميريكيون الجمعة الماضي على ما يزيد علي 650 مليون دولار مخبأة في 164
صندوقاً داخل غرفة محكمة الإغلاق.
لقد ظلت النخبة حتى سقوط بغداد
,غارقة في حياتها المترفة, ترتشف الشاي وهي تنظر إلى صور صدام حسين ,أو الملصقات
التي يظهر فيها أو حتى التقويم السنوي الذي يحمل صورته أيضاً. لم يكن بوسع
المواطنين العراقيين رؤية سيارات المرسيدس المحصنة ضد الرصاص أو الزورق الفاخر
الذي كان مخزناً في أحد المستودعات أو مجموعة سيارات الشيفروليه والسيارات
الرياضية والسيارات ذات الأغطية القابلة للطي. لم يكن المواطنون العراقيون
العاديون يعرفون شيئاً عن حدائق الحيوان الخاصة, التي يُطعم الجنود الأمريكيون الأسود والفهود الجائعة فيها خرافاً
حية, كما أضطر جندي أميركي إلى إطلاق الرصاص على الدب, عندما خرج من الحظيرة ورفض
العودة إليها. وفي الحديقة الحيوانات الخاصة التي يملكها عدي صدام حسين, يطعم
الجنود الأمريكيون ثلاثة أسود جائعه نعاماً وغزلاناً حية. أما القطط, فتغفو تحت
لافتة كتب عليها الجنود الأمريكيون » من يُضبط وهو يعتدي على أي من حيواناتنا,
سيكون وجبتهم المقبلة«.ومن الأشياء التي ربما كان المواطنون العراقيون على علم
بها, هذه الأسلحة الموجودة داخل هذه
القصور. فهناك ترسانة كاملة في كل بيت, وعثر في بعض الغرف على بنادق » ام. بي -
5), السريعة الطلقات مطلية بالذهب, وفي بعض الحالات عُثر على صناديق أسلحة مرصوصة
حتى السقف تضم » كولت دياموندباك« عيار 38 و»ماغنام« عيار 357 القتالية ومسدسات »
سيغ سوار«, لا تزال في صناديقها وداخلها إرشادات الإستخدام, بالإضافة إلى كميات
وافرة من الذخيرة المعبأة في صناديق. ولكن كيف يصبح المنزل الفاخر والحياة المترفة
من دون مخبأ?. كل القصور والمنازل الفاخرة مزودة بغرف محصنة ومخابئ, ففي بعض
الحدائق تظهر بعض أكياس الرمل وسط الزهور وأسيجة الحناء مغطاة بسعف النخيل ولكن
ليس بصورة كاملة. وعلى جانبي الطرق داخل القصور نفسها, وعلى الطرق المؤدية إليهامن
داخل المدينة جرى تحصين عدد من المواقع ,وأحيطت بأكياس الرمل إستعداداً للهجوم
الأمريكي. لقد أخلى مسؤولو حزب البعث, وأفراد الحرس الجمهوري الذين فروا من بغداد
القصور والمنازل الضخمة التي يسكنونها من الكثير من وثائق دامغة يمكن أن تثبت
إدانتهم, لكنهم لم يأخذوا كل شيء فقد تركوا ملفات وسجلات رئىسية وسجلات أداء
ويوميات ومجلات وكتيبات إرشادية وصوراً ووثائق ولوائح وبيانات رسمية. وترك سكان
المدينة الذين نهبوا أجزاءاً من مجمع القصر الرئاسي, لمدة يوم كامل قبل أن تسيطر
عليه القوات الأميركية, هذه الوثائق ولم يأبهوا بها في ما يبدو. ويعكف الآن فريق
من الضباط وخبراء مكافحة التجسس وعناصر من وكالات الإستخبارات
المركزيةالأميركية(سي . آي. ايه) ,ومكتب المباحث الفيدرالي (إف. بي. آي) على فحص
هذه الوثائق والسجلات. وقال الضابط ستيفن ووكر أنه لا بد من إجراء عملية فحص كامل
ودقيق لكل هذه الوثائق, وأشار إلى أن هذه العملية ربما تستغرق بعض الوقت.
ومن بين حطام القصر, يمكن أن
تظهر بعض المؤشرات على طبيعة النظام العراقي المتناقضة. ففي أحد الغرف التي تظهر
على جدرانها صور لصدام حسين وإبنه, توجد طاولة كان يستخدمها في ما يبدو عدي ,عليها
أوراق تحتوي على مواصفات لسيارة فارهة حصل عليها من موقع » ياهو« على شبكة
الانترنت هي »إستون مارتن« سعرها 231260 دولاراً, ومواصفات لسيارة مرسيدس بينز
سعرها 77850 دولاراً, إلى جانبها صفحة » ياهو« أخرى تحتوي على آيات قرآنية, تتحدث
عن أهمية التحلي بالأمانة. وثمة مبنى آخر من عدة مستويات داخل مساحة القصر, خاص
بصدام حسين, أطلق الجنود الأميركيون عليه اسم » عش الغرام«, رغم أنهم لم يعثروا
على دليل, يثبت أن صدام حسين كان يقيم هناك. ويطغى على ديكور هذا المنزل طابع »
الديسكو«, خلال حقبة السبعينيات من سجاد بني اللون ,ومرآة مظللة وشريط كاسيت يحتوي
على بعض أفضل الأغاني لفرقة » بي . جيز« التي ذاع صيتها خلال تلك الحقبة.
وفي إحدي الحانات الداخلية
زجاجات ويسكي» جوني ووكر« وكونياك » أوتارد« و» سيغوين«. والصندل المستخدم للحمام
وردي اللون, وحتى سلال وضع النفايات مصنوعة
على شكل قلوب . وداخل إحدى
الخزانات الزجاجية للكتب تظهر
مجموعة كاملةمن الحزف الصيني عليها الخاتم الأميري لأسرة الصباح الحاكمة في
الكويت, إذ من المحتمل أن تكون هذه المجموعة قد نهبت من الكويت خلال غزو العراق
لها عام 1990, لتوضع هنا في هذا المنزل الذي تظهر على جدرانه رسومات خيالية لنساء
عاريات الصدور, ورجال ذوي عضلات, وهم يقتلون بالسيوف تنيناً أو أفاعي. ويبدو أن
بعض مسؤولي حزب البعث قد عادوا إلى منازلهم بعد بدء حملة القصف الأميركية ,وأحكموا
إغلاق النوافذ المكسورة بالبلاستيك, وأغلقوا النوافذ والأبواب بالأقفال , إلا أن
اللصوص كسروا هذه الأقفال ,مستخدمين القضبان الحديدية ,وهشموا الأبواب ودخلوا إلى
الغرف, ولم يجد الجنود الأميركيون صعوبة في الدخول أىضا وأخذوا ما يحتاجونه, ثم
تبعهم الصحافيون الذين أخذوا بعض القطع الصغيرة المتناثرة والتذكارات, وسط قطع
الزجاج على أرضيات الغرف والصالات. وداخل مبنى الدعاية المجاور المكون من طابقين
ظل طاقم بكامله يعمل عاماً بعد عام لجعل شخصية صدام حسين مطبوعة في ذهن كل شخص على
نحو مستمر. وحتى في بلد لا يخلو فيه منزل أو مكتب أو مؤسسة عامة من صورة تمثال
نصفي أو جدارية لصدام حسين, فإن الدعاية لتخليد صورة صدام حسين أمر مثير
للاهتمام.فالغرف تحتوي على آلاف الصور
لصدام حسين في أشكال لا تحصى, فهو يظهر في بعضها كفارس عربي, ورجل نبيل شهم
وفارس قوقازي ورجل كوماندوز عراقي, ورجل دولة, وقائد للجيش ببزته العسكرية
الرسمية, ومتسلق جبال ألماني. كما أن هناك عدداً لا يحصى من الصور, التي يخاطب
خلالها صدام حسين قواته, أو يظهر وهو مجتمع مع جنرالاته, أو بصدد إلقاء كلمة أو
يواسي الأرامل, أو يعانق أطفال المدارس, أو يحيي رجالاً ملتحين.
وهناك ألبومات ملئت بصور مختلفة
لصدام حسين, يظهر في بعضها وهو شاب نحيف قبل ثلاثة عقود تقريباً ,ثم بعد بلوغه
منتصف العمر, إلى جانب صور أخرى أُخذت في ما يبدو قريباً.. كل هذه باتت الآن مشتتة
على أرضيات القصور والمباني الأخرى وهي ملطخة بآثار الأقدام والقذارة, ولقي نفس
المصير أرشيف الميكروفيلم, ومئات الأشرطة التي تحتوي على تسجيلات صوتية للرئىس
العراقي المخلوع إلى جانب أكوام من أشرطة
الفيديو, أما التقويم السنوي الذي تظهر عليه صورة صدام حسين, والموجود في كل
المباني الحكومية, فقد دفن الآن تحت قطع الزجاج, أما الأشياء التي لم تتعرض لأي
اعتداء هي الأعمال التي لم تستكمل في ماكينة دعاية صدام, إذ لا تزال هناك مئات
الألبومات الجديدة التي رصت بعناية بالإضافة إلى إطارات الصور المذهبة الفارغة
فراغ النظام المنهار.
* خدمة » لوس أنجليس تايمز« -
خاص ب¯» الشرق الأوسط«
جريدة » الشرق الأوسط« , لندن
22 أبريل/نيسان 2003
عضو في فدائيي صدام يعترف: كنا
نقطع رؤوس المعارضين ونجلبها إلى مكتب عدي مثلما يأمرعلي تحدث عن أساليب التعذيب
وقال : كنا نتوجه إلى الهدف بعشر صور مختلفة له ونصور عملية القتل وعدي لا يزال
يحتفظ بالأشرطة
بغداد : بيتر بيكر *
جثا على ركبتيه وشرح كيف كان
الأمر يتم: وضع يديه خلف ظهره ليشير إلى تقييد حركته ثم طأطأ رأسه وأغمض عينيه
وكأنهما معصوبتان. وفي نفس الوقت إقترب صديق له من رأسه ليرفعه مقلداً ما يحدث بعد
ذلك, حيث يقوم شخص ثالث بفتح فم الضحية عنوة ويجذب لسانه ثم يجزه بسكينة أو بآلة
حادة. روايات مشابهة حول أعمال التعذيب خرجت من العراق خلال الأسبوعين الماضيين
منذ إطاحة نظام صدام حسين. لكن علي لم يكن أحد أولئك الذين قطعت ألسنتهم , بل أنه,
كما قال, كان واحداً ممن نفذوا عمليات قطع الألسنة.
كان علي عنصراً من » فدائيي
صدام«, وهي مجموعة من الميليشيات ,يشرف عليها عدي النجل الأكبر لصدام حسين . يتذكر
علي كيف أنه قام , خلال عدة سنوات من العقد الماضي, بإغتيال شخصيات معارضة للنظام,
وبتحطيم ظهور أولئك الذين أُتهموا بإخفاء
الحقيقة عن الحكومة, وبقطع ألسنة البعض وأصابعهم وأياديهم, وفي إحدى المرات رأس
أحدهم. وقال علي: » لم يكن مهماً أن نشعر بأن الضحية كان مذنباً أم لا, فقد توجب
علينا القيام بعملنا. أولئك كانوا معارضين لصدام حسين, وعندما نتلقى أوامر
بمعاقبتهم, فإننا نذهب إليهم وننفذ المهمة. إذا قال عدي إقطعوا لسانه أو يديه أو
أصابعه أو رأسه, أو أى شيء, فإننا نفعل
ذلك«.
التأكد من صحة رواية علي قد
يكون صعباً, لكنه لم يطلب مالاً, ولم يبد أنه كان يساوم, كما لم يظهر أنه سيحقق أي
شيء عندما روى ما كان يفعله. وبناء على طلب صحافي , إصطحبنا إلى منزل إستخدمه »
فدائيو صدام« . كما أكد ذلك الجيران, وعرض زيه الأسود الذي اعتاد الفدائيون
إرتداءه, مكتملاً مع قناع الوجه. طوال ذلك
اليوم في العاصمة العراقية, لم تبد على علي , 26 عاماً, علامات التبجح أو الأسف.
وقال: » كنت فقط أتبع التعليمات«. الكثير مما قاله (علي) يؤكد روايات ضحايا حكومة
صدام حسين. وقد أبدى إستعداده للحديث المفصل والإجابة عن الأسئلة بدون تردد. وقد
رسم بدقة مؤلمة شارة » فدائيي صدام«, التي كان ذات يوم يحملها, لكنه قرر دفنها
عندما إقتربت القوات الأميركية من بغداد,
وقد تخلص منها مع أشياء أخرى بما فيها صورة كبيرة لصدام.
بعد لحظة تأمل ,لم يتورع علي عن
الحديث في تفاصيل الوظيفة البشعة, التي كان يشغلها. عند الالتقاء به عن طريق وسيط,
بدت على (علي) الذي كان يتحدث بحضور عراقيين آخرين علامات الاضطراب , كما أنه
إمتنع عن ذكر لقبه أو اسم عائلته. لكنه لم يكترث كثيراً ,وهو يتجول في أنحاء
المدينة التي إحتلتها الدبابات الأميركية.
وصف كيف أنه كان يقوم بنقل رؤوس
الضحايا المذبوحة إلى أسرهم, كمسألة واقعية, كما يقول. ولما سُِئل عن شعوره, وقد
خدم حكومة قال إنها كانت شريرة, هز على كتفيه وقال » طبيعي« بلغة انجليزية, قبل أن
يتحدث بالعربية قائلاً: » كنت مرتاحاً لذلك« . بعد الضغط عليه فقط, أبدى بعض
المشاعر وقال : » أشعر بالأسف لكل ماحدث«. قالها ببرود وبدون عواطف, مضيفاً :
»أحاول تغيير حياتي ,والتصرف بشكل رحيم مع
الناس«. ما قدمه علي لعدي صدام حسين, كما يتضح , كان المؤهلات المطلوبة من
الفدائيين: الإخلاص والإستعداد للقيام بما يجب. كان تلميذاً مراهقاً عندما إتصل به
شخص مكلف بالتجنيد. ولما كانت الدراسة قد أنهكته فقد قرر التقدم للوظيفة . وأوضح
قائلاً: » ذهبت إلى مجموعة الفدائيين
لأنني لم أرغب في مواصلة الدراسة. كنت أمقت الدراسة وأردت الالتحاق بالجيش«. لكن
أجور الجيش ضعيفة والمكانة التي يحصل عليها من يعمل تحت إمرة عدي كانت مغرية,
وأضاف علي: » كانت مجموعة الفدائيين مميزة, وقد علمت أن عدي كان يهتم بهم بشكل حسن للغاية, ليس كما هو حال
الجيش«.قال علي أنه بحلول عام 1996,أُختير ليكون واحداً من 18 عضواً في مجموعة من
الفدائيين, تدعى » الطاقم«, وتمثلت مهامها أساساً
في العلميات الخاصة .
وفي نهاية المطاف كان يتقاضى
150 ألف دينار عراقي (قرابة 70 دولاراً) شهرياً, وهو راتب معقول في العراق, إضافة
إلى مكافآت مقابل تنفيذ بعض المهام. وهذه المكافآت تتراوح بين مئات الآلاف من
الدنانير إلى 3 أو 4 ملايين, إعتماداً على نوعية المهام.
حياته كعضو في » فدائيي صدام«,
جعلته رجلاً مميزاً في بغداد, فالشارة التي كان يحملها فتحت له جميع الأبواب
تقريباً. وقال : » كانوا يحترمونني للغاية. كنت قادراً على الذهاب إلى أي مكان
أردت الذهاب إليه بشارتي. كنت قادراً على الذهاب لأي مكان يوجد فيه عدي أو صدام,
لأنني أحمل الشارة«.وعندما كان عدي يرغب في قتل شخص ما, كان يرسل (علي) ومجموعته
مزودين بعشر صور فوتوغرافية للهدف, بشارب أو بدون شارب, وبملابس وتسريحات شعر
مختلفة, حسبما قال علي. تُعرض عليهم معلومات بشأن أماكن وجوده, لكن لن يذكر لهم
إسمه. ويتم تصوير العملية فوتوغرافياً أو بالصوت والصورة(فيديو) لاثبات أنها نفذت.
وطبقاً لما قاله (علي), فإن عدي يحتفظ بمجموعة من أشرطة التسجيل المصورة تلك. وعند
هذه اللحظة تذكر (علي) عملية إغتيال تم تنفيذها قبل 5 أو 6 سنوات في مدينة كربلاء,
حيث تلقت مجموعته أمراً بقتل زعيم شيعي, وقال(علي) موضحاً: » ذهبت لقتل شخص واحد,
لكن فجأة وجدت أن لديه حراساً, ولذلك قتلت أربعة أو خمسة من حراسه. وبعد ذلك قطعنا
رأسه ووضعناه في حقيبة ثم توجهنا إلى
بغداد من كربلاء عند الساعة الرابعة من صباح ذلك اليوم. وقد وضعناه أمام مكتب عدي.
فقد طلب منا إحضار رأسه.
وفي واقعة أخرى, قبل ثلاثة أو
أربعة أعوام أضاف (علي), أن مجموعته تلقت أمراً بالتخلص مما قيل لهم أنهم مجموعة
من مهربي عذارى العراق إلى الخارج. وقد قتلوا 39 شخصاً, كما أوضح 24 امرأة و15
رجلاً.أما العقوبات التي لا تصل إلى حد الموت فكانت تنفذ طبقاً لنظام محدد, كما
قال (علي), فأولئك الذين يسرقون تقطع أصابعهم وأياديهم, والذيم يكذبون,يلقى بأحجار
ثقيلة فوق ظهورهم, أما المخبرون الذين ينقلون معلومات غير صحيحة فتوضع مكاوي ساخنة
في أفواههم, والذين يتهربون من الجيش تقطع آذانهم , كما قال(علي).
وأشار إلى أن أحد أعضاء فرق
الفدائيين تعرض لقطع لسانه لأنه ردد مقارنة بعضهم ملابس عدي الفضفاضة بأزياء
النساء, فيما قُطعت أصابع عضو آخر لأنه امتنع عن تنفيذ أمر ما.
وقال (علي) أنه وافق على سرد
قصته » ليشعر بمزيد من الارتياح« مع نفسه. وأضاف:
» لا بد من إفشاء السر. كل شيء
أخبرتكم به لا يعلم به أحد, لا زوجتي ولا عائلتي«.زوجة علي حامل بطفلهما الأول,
الذي قد يولد خلال شهر أو ما يقاربه. بدأ علي بالمواظبة على الصلاة في الآونة
الأخيرة. وقال : » ادعو الله كي يرزقني ولداً طيباً وآمل ألا يكتشف ما كنت أفعله.
كما آمل أن يتسنى لي تعليمه كل شيء صحيح وأن تكون حياته طبيعية. إذا كنت قد آذيت أو
قتلت أي شخص من قبل, فإنني أدعو الله أن يسامحني«.
* خدمة » واشنطن بوست«
خاص ب¯» الشرق الأوسط «
جريدة الشرق الأوسط لندن23
أبريل /نيسان2003
بذخ فاحش وخمور مستوردة وصور خليعة وخزف منهوب من الكويت
بغاد: ديفيد زوكينو *
سقط نظام صدام حسين وتتساقط
أسسه ودعاماته تحت وقع أقدام الجنود الأمريكيين, ففي مقر الدعاية الرئيسي للرئيس
المخلوع تحملق عيناه من مئات الصور المشتتة فوق أرضيات الطوابق القذرة, وهي صور
التقطت في مختلف المناسبات خلال حكم إمتد على مدى ثلاثة عقود. ففي واحدة من الصور
يظهر صدام وهو يستقبل ياسر عرفات والملك حسين ,ويظهر في أخرى وهو يقبل أطفالاً
ويستقبل أفراد كوماندوز, إلا أن هذه الصور هُشمت تماماً وإنتشر زجاج إطاراتها على
أرضيات طوابق المبنى.
القصور والفلل الفاخرة التي
يملكها صدام حسين والأصدقاء المقربون جردت تماماً وفتحت لكشف الأبهة التي كان يعيش
فيها ساكنوها. على الرغم من إدعاءات التدين والورع, فإن ما إتضح كشف بوضوح أن
النخبة العراقية الحاكمة كانت تتبع نمط حياة غربي حتى النخاع, إذ أن منازلهم تحوي أجهزة الكومبيوتر الأميركية الصنع
والويسكي والأفلام الفاضحة وأفلام الفيديو وتسجيلات البوب. كان أفراد هذه النخبة
مولعين بقيادة سيارات الشيفروليه الواسعة وتدخين سجائر المارلبورو وقراءة مجلة
»نيوزويك«. كانوا أىضاً يستخدمون مسدسات من طراز » بيريتا« ومسدسات » سميث آند
ويسون« الخاصة ذات المدى القصير ويحتسون الشمبانيا الفرنسية وشراب الجن.
إن فترة أسبوع من التجول والبحث
وسط أنقاض الأبنية التي يضمها القصر ومجمع القصر الرئاسي, يمكن أن تكشف بوضوح عن
طبيعة نظام حكم كان مولعاً بالراحة والحياة المترفة في وضع يتسم بالأبهة والإبتذال
في نفس الوقت.
فالمنطقة الواقعة إلى الغرب من
نهر دجلة, وهي منطقة حجبت بإستمرار عن أنظار المواطن العراقي العادي من خلال
الجدران العملاقة العالية, كانت في واقع الأمر عبارة عن ناد ريفي خاص يحتوي على
أحواض السباحة وغرف لممارسة هواية رفع الأثقال وأرضيات من الرخام اللامع وشاشات
تلفزيون عملاقة وقوارب صغيرة للتجول عبر قنوات مائية داخل القصر أطرافها منحوتة من
حجر مصقول.
والمئات من المسؤولين البارزين
في حزب البعث والحرس الجمهوري, الذين كانوا يعيشون في قصور ومنازل فاخرة, ذات
حدائق غناء وبساتين لم يستطيعوا في ما
يبدو حمل الصناديق التي ملأوها بالأوراق المالية من فئة المائة دولار أميركي, إذ
عثر جنود أميريكيون الجمعة الماضي على ما يزيد علي 650 مليون دولار مخبأة في 164
صندوقاً داخل غرفة محكمة الإغلاق.
لقد ظلت النخبة حتى سقوط بغداد
,غارقة في حياتها المترفة, ترتشف الشاي وهي تنظر إلى صور صدام حسين ,أو الملصقات
التي يظهر فيها أو حتى التقويم السنوي الذي يحمل صورته أيضاً. لم يكن بوسع
المواطنين العراقيين رؤية سيارات المرسيدس المحصنة ضد الرصاص أو الزورق الفاخر
الذي كان مخزناً في أحد المستودعات أو مجموعة سيارات الشيفروليه والسيارات
الرياضية والسيارات ذات الأغطية القابلة للطي. لم يكن المواطنون العراقيون
العاديون يعرفون شيئاً عن حدائق الحيوان الخاصة, التي يُطعم الجنود الأمريكيون الأسود والفهود الجائعة فيها خرافاً
حية, كما أضطر جندي أميركي إلى إطلاق الرصاص على الدب, عندما خرج من الحظيرة ورفض
العودة إليها. وفي الحديقة الحيوانات الخاصة التي يملكها عدي صدام حسين, يطعم
الجنود الأمريكيون ثلاثة أسود جائعه نعاماً وغزلاناً حية. أما القطط, فتغفو تحت
لافتة كتب عليها الجنود الأمريكيون » من يُضبط وهو يعتدي على أي من حيواناتنا,
سيكون وجبتهم المقبلة«.ومن الأشياء التي ربما كان المواطنون العراقيون على علم
بها, هذه الأسلحة الموجودة داخل هذه
القصور. فهناك ترسانة كاملة في كل بيت, وعثر في بعض الغرف على بنادق » ام. بي -
5), السريعة الطلقات مطلية بالذهب, وفي بعض الحالات عُثر على صناديق أسلحة مرصوصة
حتى السقف تضم » كولت دياموندباك« عيار 38 و»ماغنام« عيار 357 القتالية ومسدسات »
سيغ سوار«, لا تزال في صناديقها وداخلها إرشادات الإستخدام, بالإضافة إلى كميات
وافرة من الذخيرة المعبأة في صناديق. ولكن كيف يصبح المنزل الفاخر والحياة المترفة
من دون مخبأ?. كل القصور والمنازل الفاخرة مزودة بغرف محصنة ومخابئ, ففي بعض
الحدائق تظهر بعض أكياس الرمل وسط الزهور وأسيجة الحناء مغطاة بسعف النخيل ولكن
ليس بصورة كاملة. وعلى جانبي الطرق داخل القصور نفسها, وعلى الطرق المؤدية إليهامن
داخل المدينة جرى تحصين عدد من المواقع ,وأحيطت بأكياس الرمل إستعداداً للهجوم
الأمريكي. لقد أخلى مسؤولو حزب البعث, وأفراد الحرس الجمهوري الذين فروا من بغداد
القصور والمنازل الضخمة التي يسكنونها من الكثير من وثائق دامغة يمكن أن تثبت
إدانتهم, لكنهم لم يأخذوا كل شيء فقد تركوا ملفات وسجلات رئىسية وسجلات أداء
ويوميات ومجلات وكتيبات إرشادية وصوراً ووثائق ولوائح وبيانات رسمية. وترك سكان
المدينة الذين نهبوا أجزاءاً من مجمع القصر الرئاسي, لمدة يوم كامل قبل أن تسيطر
عليه القوات الأميركية, هذه الوثائق ولم يأبهوا بها في ما يبدو. ويعكف الآن فريق
من الضباط وخبراء مكافحة التجسس وعناصر من وكالات الإستخبارات
المركزيةالأميركية(سي . آي. ايه) ,ومكتب المباحث الفيدرالي (إف. بي. آي) على فحص
هذه الوثائق والسجلات. وقال الضابط ستيفن ووكر أنه لا بد من إجراء عملية فحص كامل
ودقيق لكل هذه الوثائق, وأشار إلى أن هذه العملية ربما تستغرق بعض الوقت.
ومن بين حطام القصر, يمكن أن
تظهر بعض المؤشرات على طبيعة النظام العراقي المتناقضة. ففي أحد الغرف التي تظهر
على جدرانها صور لصدام حسين وإبنه, توجد طاولة كان يستخدمها في ما يبدو عدي ,عليها
أوراق تحتوي على مواصفات لسيارة فارهة حصل عليها من موقع » ياهو« على شبكة
الانترنت هي »إستون مارتن« سعرها 231260 دولاراً, ومواصفات لسيارة مرسيدس بينز
سعرها 77850 دولاراً, إلى جانبها صفحة » ياهو« أخرى تحتوي على آيات قرآنية, تتحدث
عن أهمية التحلي بالأمانة. وثمة مبنى آخر من عدة مستويات داخل مساحة القصر, خاص
بصدام حسين, أطلق الجنود الأميركيون عليه اسم » عش الغرام«, رغم أنهم لم يعثروا
على دليل, يثبت أن صدام حسين كان يقيم هناك. ويطغى على ديكور هذا المنزل طابع »
الديسكو«, خلال حقبة السبعينيات من سجاد بني اللون ,ومرآة مظللة وشريط كاسيت يحتوي
على بعض أفضل الأغاني لفرقة » بي . جيز« التي ذاع صيتها خلال تلك الحقبة.
وفي إحدي الحانات الداخلية
زجاجات ويسكي» جوني ووكر« وكونياك » أوتارد« و» سيغوين«. والصندل المستخدم للحمام
وردي اللون, وحتى سلال وضع النفايات مصنوعة
على شكل قلوب . وداخل إحدى
الخزانات الزجاجية للكتب تظهر
مجموعة كاملةمن الحزف الصيني عليها الخاتم الأميري لأسرة الصباح الحاكمة في
الكويت, إذ من المحتمل أن تكون هذه المجموعة قد نهبت من الكويت خلال غزو العراق
لها عام 1990, لتوضع هنا في هذا المنزل الذي تظهر على جدرانه رسومات خيالية لنساء
عاريات الصدور, ورجال ذوي عضلات, وهم يقتلون بالسيوف تنيناً أو أفاعي. ويبدو أن
بعض مسؤولي حزب البعث قد عادوا إلى منازلهم بعد بدء حملة القصف الأميركية ,وأحكموا
إغلاق النوافذ المكسورة بالبلاستيك, وأغلقوا النوافذ والأبواب بالأقفال , إلا أن
اللصوص كسروا هذه الأقفال ,مستخدمين القضبان الحديدية ,وهشموا الأبواب ودخلوا إلى
الغرف, ولم يجد الجنود الأميركيون صعوبة في الدخول أىضا وأخذوا ما يحتاجونه, ثم
تبعهم الصحافيون الذين أخذوا بعض القطع الصغيرة المتناثرة والتذكارات, وسط قطع
الزجاج على أرضيات الغرف والصالات. وداخل مبنى الدعاية المجاور المكون من طابقين
ظل طاقم بكامله يعمل عاماً بعد عام لجعل شخصية صدام حسين مطبوعة في ذهن كل شخص على
نحو مستمر. وحتى في بلد لا يخلو فيه منزل أو مكتب أو مؤسسة عامة من صورة تمثال
نصفي أو جدارية لصدام حسين, فإن الدعاية لتخليد صورة صدام حسين أمر مثير
للاهتمام.فالغرف تحتوي على آلاف الصور
لصدام حسين في أشكال لا تحصى, فهو يظهر في بعضها كفارس عربي, ورجل نبيل شهم
وفارس قوقازي ورجل كوماندوز عراقي, ورجل دولة, وقائد للجيش ببزته العسكرية
الرسمية, ومتسلق جبال ألماني. كما أن هناك عدداً لا يحصى من الصور, التي يخاطب
خلالها صدام حسين قواته, أو يظهر وهو مجتمع مع جنرالاته, أو بصدد إلقاء كلمة أو
يواسي الأرامل, أو يعانق أطفال المدارس, أو يحيي رجالاً ملتحين.
وهناك ألبومات ملئت بصور مختلفة
لصدام حسين, يظهر في بعضها وهو شاب نحيف قبل ثلاثة عقود تقريباً ,ثم بعد بلوغه
منتصف العمر, إلى جانب صور أخرى أُخذت في ما يبدو قريباً.. كل هذه باتت الآن مشتتة
على أرضيات القصور والمباني الأخرى وهي ملطخة بآثار الأقدام والقذارة, ولقي نفس
المصير أرشيف الميكروفيلم, ومئات الأشرطة التي تحتوي على تسجيلات صوتية للرئىس
العراقي المخلوع إلى جانب أكوام من أشرطة
الفيديو, أما التقويم السنوي الذي تظهر عليه صورة صدام حسين, والموجود في كل
المباني الحكومية, فقد دفن الآن تحت قطع الزجاج, أما الأشياء التي لم تتعرض لأي
اعتداء هي الأعمال التي لم تستكمل في ماكينة دعاية صدام, إذ لا تزال هناك مئات
الألبومات الجديدة التي رصت بعناية بالإضافة إلى إطارات الصور المذهبة الفارغة
فراغ النظام المنهار.
* خدمة » لوس أنجليس تايمز« -
خاص ب¯» الشرق الأوسط«
جريدة » الشرق الأوسط« , لندن
22 أبريل/نيسان 2003
عضو في فدائيي صدام يعترف: كنا
نقطع رؤوس المعارضين ونجلبها إلى مكتب عدي مثلما يأمرعلي تحدث عن أساليب التعذيب
وقال : كنا نتوجه إلى الهدف بعشر صور مختلفة له ونصور عملية القتل وعدي لا يزال
يحتفظ بالأشرطة
بغداد : بيتر بيكر *
جثا على ركبتيه وشرح كيف كان
الأمر يتم: وضع يديه خلف ظهره ليشير إلى تقييد حركته ثم طأطأ رأسه وأغمض عينيه
وكأنهما معصوبتان. وفي نفس الوقت إقترب صديق له من رأسه ليرفعه مقلداً ما يحدث بعد
ذلك, حيث يقوم شخص ثالث بفتح فم الضحية عنوة ويجذب لسانه ثم يجزه بسكينة أو بآلة
حادة. روايات مشابهة حول أعمال التعذيب خرجت من العراق خلال الأسبوعين الماضيين
منذ إطاحة نظام صدام حسين. لكن علي لم يكن أحد أولئك الذين قطعت ألسنتهم , بل أنه,
كما قال, كان واحداً ممن نفذوا عمليات قطع الألسنة.
كان علي عنصراً من » فدائيي
صدام«, وهي مجموعة من الميليشيات ,يشرف عليها عدي النجل الأكبر لصدام حسين . يتذكر
علي كيف أنه قام , خلال عدة سنوات من العقد الماضي, بإغتيال شخصيات معارضة للنظام,
وبتحطيم ظهور أولئك الذين أُتهموا بإخفاء
الحقيقة عن الحكومة, وبقطع ألسنة البعض وأصابعهم وأياديهم, وفي إحدى المرات رأس
أحدهم. وقال علي: » لم يكن مهماً أن نشعر بأن الضحية كان مذنباً أم لا, فقد توجب
علينا القيام بعملنا. أولئك كانوا معارضين لصدام حسين, وعندما نتلقى أوامر
بمعاقبتهم, فإننا نذهب إليهم وننفذ المهمة. إذا قال عدي إقطعوا لسانه أو يديه أو
أصابعه أو رأسه, أو أى شيء, فإننا نفعل
ذلك«.
التأكد من صحة رواية علي قد
يكون صعباً, لكنه لم يطلب مالاً, ولم يبد أنه كان يساوم, كما لم يظهر أنه سيحقق أي
شيء عندما روى ما كان يفعله. وبناء على طلب صحافي , إصطحبنا إلى منزل إستخدمه »
فدائيو صدام« . كما أكد ذلك الجيران, وعرض زيه الأسود الذي اعتاد الفدائيون
إرتداءه, مكتملاً مع قناع الوجه. طوال ذلك
اليوم في العاصمة العراقية, لم تبد على علي , 26 عاماً, علامات التبجح أو الأسف.
وقال: » كنت فقط أتبع التعليمات«. الكثير مما قاله (علي) يؤكد روايات ضحايا حكومة
صدام حسين. وقد أبدى إستعداده للحديث المفصل والإجابة عن الأسئلة بدون تردد. وقد
رسم بدقة مؤلمة شارة » فدائيي صدام«, التي كان ذات يوم يحملها, لكنه قرر دفنها
عندما إقتربت القوات الأميركية من بغداد,
وقد تخلص منها مع أشياء أخرى بما فيها صورة كبيرة لصدام.
بعد لحظة تأمل ,لم يتورع علي عن
الحديث في تفاصيل الوظيفة البشعة, التي كان يشغلها. عند الالتقاء به عن طريق وسيط,
بدت على (علي) الذي كان يتحدث بحضور عراقيين آخرين علامات الاضطراب , كما أنه
إمتنع عن ذكر لقبه أو اسم عائلته. لكنه لم يكترث كثيراً ,وهو يتجول في أنحاء
المدينة التي إحتلتها الدبابات الأميركية.
وصف كيف أنه كان يقوم بنقل رؤوس
الضحايا المذبوحة إلى أسرهم, كمسألة واقعية, كما يقول. ولما سُِئل عن شعوره, وقد
خدم حكومة قال إنها كانت شريرة, هز على كتفيه وقال » طبيعي« بلغة انجليزية, قبل أن
يتحدث بالعربية قائلاً: » كنت مرتاحاً لذلك« . بعد الضغط عليه فقط, أبدى بعض
المشاعر وقال : » أشعر بالأسف لكل ماحدث«. قالها ببرود وبدون عواطف, مضيفاً :
»أحاول تغيير حياتي ,والتصرف بشكل رحيم مع
الناس«. ما قدمه علي لعدي صدام حسين, كما يتضح , كان المؤهلات المطلوبة من
الفدائيين: الإخلاص والإستعداد للقيام بما يجب. كان تلميذاً مراهقاً عندما إتصل به
شخص مكلف بالتجنيد. ولما كانت الدراسة قد أنهكته فقد قرر التقدم للوظيفة . وأوضح
قائلاً: » ذهبت إلى مجموعة الفدائيين
لأنني لم أرغب في مواصلة الدراسة. كنت أمقت الدراسة وأردت الالتحاق بالجيش«. لكن
أجور الجيش ضعيفة والمكانة التي يحصل عليها من يعمل تحت إمرة عدي كانت مغرية,
وأضاف علي: » كانت مجموعة الفدائيين مميزة, وقد علمت أن عدي كان يهتم بهم بشكل حسن للغاية, ليس كما هو حال
الجيش«.قال علي أنه بحلول عام 1996,أُختير ليكون واحداً من 18 عضواً في مجموعة من
الفدائيين, تدعى » الطاقم«, وتمثلت مهامها أساساً
في العلميات الخاصة .
وفي نهاية المطاف كان يتقاضى
150 ألف دينار عراقي (قرابة 70 دولاراً) شهرياً, وهو راتب معقول في العراق, إضافة
إلى مكافآت مقابل تنفيذ بعض المهام. وهذه المكافآت تتراوح بين مئات الآلاف من
الدنانير إلى 3 أو 4 ملايين, إعتماداً على نوعية المهام.
حياته كعضو في » فدائيي صدام«,
جعلته رجلاً مميزاً في بغداد, فالشارة التي كان يحملها فتحت له جميع الأبواب
تقريباً. وقال : » كانوا يحترمونني للغاية. كنت قادراً على الذهاب إلى أي مكان
أردت الذهاب إليه بشارتي. كنت قادراً على الذهاب لأي مكان يوجد فيه عدي أو صدام,
لأنني أحمل الشارة«.وعندما كان عدي يرغب في قتل شخص ما, كان يرسل (علي) ومجموعته
مزودين بعشر صور فوتوغرافية للهدف, بشارب أو بدون شارب, وبملابس وتسريحات شعر
مختلفة, حسبما قال علي. تُعرض عليهم معلومات بشأن أماكن وجوده, لكن لن يذكر لهم
إسمه. ويتم تصوير العملية فوتوغرافياً أو بالصوت والصورة(فيديو) لاثبات أنها نفذت.
وطبقاً لما قاله (علي), فإن عدي يحتفظ بمجموعة من أشرطة التسجيل المصورة تلك. وعند
هذه اللحظة تذكر (علي) عملية إغتيال تم تنفيذها قبل 5 أو 6 سنوات في مدينة كربلاء,
حيث تلقت مجموعته أمراً بقتل زعيم شيعي, وقال(علي) موضحاً: » ذهبت لقتل شخص واحد,
لكن فجأة وجدت أن لديه حراساً, ولذلك قتلت أربعة أو خمسة من حراسه. وبعد ذلك قطعنا
رأسه ووضعناه في حقيبة ثم توجهنا إلى
بغداد من كربلاء عند الساعة الرابعة من صباح ذلك اليوم. وقد وضعناه أمام مكتب عدي.
فقد طلب منا إحضار رأسه.
وفي واقعة أخرى, قبل ثلاثة أو
أربعة أعوام أضاف (علي), أن مجموعته تلقت أمراً بالتخلص مما قيل لهم أنهم مجموعة
من مهربي عذارى العراق إلى الخارج. وقد قتلوا 39 شخصاً, كما أوضح 24 امرأة و15
رجلاً.أما العقوبات التي لا تصل إلى حد الموت فكانت تنفذ طبقاً لنظام محدد, كما
قال (علي), فأولئك الذين يسرقون تقطع أصابعهم وأياديهم, والذيم يكذبون,يلقى بأحجار
ثقيلة فوق ظهورهم, أما المخبرون الذين ينقلون معلومات غير صحيحة فتوضع مكاوي ساخنة
في أفواههم, والذين يتهربون من الجيش تقطع آذانهم , كما قال(علي).
وأشار إلى أن أحد أعضاء فرق
الفدائيين تعرض لقطع لسانه لأنه ردد مقارنة بعضهم ملابس عدي الفضفاضة بأزياء
النساء, فيما قُطعت أصابع عضو آخر لأنه امتنع عن تنفيذ أمر ما.
وقال (علي) أنه وافق على سرد
قصته » ليشعر بمزيد من الارتياح« مع نفسه. وأضاف:
» لا بد من إفشاء السر. كل شيء
أخبرتكم به لا يعلم به أحد, لا زوجتي ولا عائلتي«.زوجة علي حامل بطفلهما الأول,
الذي قد يولد خلال شهر أو ما يقاربه. بدأ علي بالمواظبة على الصلاة في الآونة
الأخيرة. وقال : » ادعو الله كي يرزقني ولداً طيباً وآمل ألا يكتشف ما كنت أفعله.
كما آمل أن يتسنى لي تعليمه كل شيء صحيح وأن تكون حياته طبيعية. إذا كنت قد آذيت أو
قتلت أي شخص من قبل, فإنني أدعو الله أن يسامحني«.
* خدمة » واشنطن بوست«
خاص ب¯» الشرق الأوسط «
جريدة الشرق الأوسط لندن23
أبريل /نيسان2003
Admin- Admin
- عدد الرسائل : 102
العمر : 48
الموقع : الـٍـٍِـٍلـٍـٍِـٍهُـٍـٍِـٍمَ صَـٍـٍِـٍلْ عَـٍـٍِـٍلـٍـٍِـٍىَ مُـٍـٍِـٍحَـٍـٍِـٍمَـٍـٍِـٍدٍ وََأَلِ م
العمل/الترفيه : الـٍـٍِـٍلـٍـٍِـٍهُـٍـٍِـٍمَ صَـٍـٍِـٍلْ عَـٍـٍِـٍلـٍـٍِـٍىَ مُـٍـٍِـٍحَـٍـٍِـٍمَـٍـٍِـٍدٍ وََأَلِ م
المزاج : الـٍـٍِـٍلـٍـٍِـٍهُـٍـٍِـٍمَ صَـٍـٍِـٍلْ عَـٍـٍِـٍلـٍـٍِـٍىَ مُـٍـٍِـٍحَـٍـٍِـٍمَـٍـٍِـٍدٍ وََأَلِ م
تاريخ التسجيل : 01/04/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى