بقلم الدكتور احمد مطران ::عن ادوارد سعيد, ومكية وإستغاثة القتيل
صفحة 1 من اصل 1
بقلم الدكتور احمد مطران ::عن ادوارد سعيد, ومكية وإستغاثة القتيل
عن ادوارد سعيد, ومكية وإستغاثة القتيل
فوزي كريم
الكاتب الفسطيني إدوارد, يعاود
مهاجمة الكاتب العراقي, كنعان مكية. كل منهما عاش سنوات عمره المنفي في أمريكا.
وكل منهما شغل بقضيته المركزية: الوطن المستلب, الأول من قبل اسرائيل, التي تعينها
الولايات المتحدة, والثاني من قبل صدام حسين, الذي أعانته الولايات المتحدة يوما,
وها هي تتوعده, وتعد بالقضاء عليه.
الفلسطيني في إدوارد سعيد يواجه خيوط قضيته التي إمتدت
عقودا طويلة فيجدها, على شدة إلتباسها, تنتهي في طرف منها بيد الولايات المتحدة.
وهذه الأخيرة لا تريد بضربة مقتدر أن تحسم الأمر بصورة عادلة. والعراقي في كنعان
مكية يواجه خيط قضيته, الذي لا إلتباس فيه, فيجده في طرف منه بيد الولايات
المتحدة, وهذه الأخيرة تريد لسبب من الأسباب أن تحسم الامر معه, في إزالته.
إن كل ما فعله إدوارد سعيد من
أجل وطنه وشعبه كان رائعا, لا في مواجهة القوى المحتلة والقوى المساندة لها فقط,
بل في مواجهة السلطة الفلسطينية أيضا. ولأن فلسطين بعدٌ أساس من الأبعاد القومية,
فان فاعليته ظلت محتضنة من قبل الإعلام والثقافة العربيين على الدوام. حتى أن أحد
كتبه النقدية والنظرية بالشأن الموسيقى, الذي تصعب قراءته بالإنكليزية وتستحيل
ترجمته الى العربية, قد عرض في مجلة »الكرمل« بإحتفاء من قبل كاتب لا يحسن معرفة
معنى السوناتا.
كذلك كان رائعا ما فعله كنعان
مكية من أجل وطنه العراق وشعبه العراقي, لا في مواجهة »جمهورية الخوف« وسلطة
الديكتاتور فقط, بل في مواجهة ردود الأفعال المعارضة لهذه السلطة والميل المتأصل
للعنف. ولكن الضحية هنا, وهم العراقيون هذه المرة, لا تشكل بعدا أساسا من الأبعاد
القومية. ولم تشغل ضمير الإعلام والثقافة العربيين ولو لحظة واحدة. ولذلك لم تكن
فاعليته محتضنة من قبلهما. بل على العكس ظلت عرضة لإستنكارهما وهجومهما حتى اليوم,
حتى أن مترجم كتابه »القسوة والصمت« الى العربية فضل أن يبقي إسمه مجهولا.
إن عدو إدوارد سعيد عدو مشترك
له وللمثقفين العرب وللإعلام العربي. ولكن عدو كنعان مكية ليس كذلك, لأن صدام حسين
إشترى بكرم يذكر له, نسبة كبرى من الثقافة العربية والإعلام العربي, حتى إنفرد
الشعب العراقي بالعداوة وحده, وتحت ظل ثقيل من التعميه الإعلامية والإنشغال
الثقافي بما هو قومي وأممي وانساني.
إدوارد سعيد دخل بهو الثقافة
الغربية بنباهة المقتدر, كذلك فعل كنعان مكية. على أن الأول دخله بدراسة »كونراد«
الروائي, في حين دخله الثاني بدراسة »جمهورية الخوف«. وإذ توسع الاول بإرتياد عالم
الاستشراق, وفتح النار على المستشرقين, توغل الثاني بالعذاب العراقي وفتح النار
على صمت المثقفين العرب, لقد أرضى الاول غرور المثقف العربي الإيهامي, وحقن
بالمخدر »نفس المثقف الجريحة« عن طريق الطعن بنوايا الاستشراق ,وليد الغرب الممتلئ
بالنوايا الشيطانية. في حين ألقى الثاني الضوء الجارح على ضمير هذا المثقف المستور
داخل العتمة.
ما أوسع قضية إدوارد سعيد, التي
التبس فيها النظري بالعملي, كما إلتبس الوطني بالقومي بالعالمي. وما أصغر قضية
كنعان مكية, التي لا إلتباس فيها, إلا التباس أنها عراقية, ولا يمكن أن يدرك مقدار
الأذى فيها إلا عراقي مثله.إن ادوارد سعيد يحاول جاهدا أن يعالج أزمة العراق مع
أطماع الامبريالية الامريكية. ويتأمل معالجة كنعان مكية من هذه الزاوية فيأخذه
الغيظ, لأن الاخير لا يكاد يرى إلا أزمة العراقيين في مسلخ نظام صدام حسين, وإلا
جثث القتلى وخرائب القرى والمدن المهجورة. لأن الأخير أجل عداواته إلى حين. أجل كل
عدواته في حربه القومية وحربه الأممية والإنسانية الى حين, وتفرغ لا للحرب مع صدام
حسين, بل للاستغاثة والنجدة. إنه لم يعد يملك حتى طاقة المقاومة السلبية في الصمت
وتجرع الأذى الضيم.لو قرأ إدوارد سعيد كلامي هذا, وهو الذي يعترف بأن صدام حسين
ديكتاتور, ترى هل سيضطر للمفاضلة بين
العراقيين وبين الفلسطينيين في الإندفاع باتجاه المقاومة?
إنني أكبر ذائقته الموسيقية,
وهو يعرف بأن الموهبة الموسيقية دون إحاطتها بالحماس قد تضعف وتتلاشى. كذلك موهبة
العراقي على المقاومة, فقد طالما أضعفها ولا شاها الصمت والإهمال المحيط,
عربيا وإسلاميا وعالميا. على أن آيات مقاومته خرساء مطمورة مع
مليوني جثة ستخصب الأرض, وأربعة ملايين منفي يحسنون لغات الأرض جميعا.كنعان مكية
يعرف, مثلي ومثل كل عراقي, ضحايا القسوة وضحايا الصمت. يعرفهم وحده, ولا يشاركه في
هذه المعرفة أحد من العرب والمسلمين. بل لا يواجه منهم إلا العدواة وسوء الظن. حتى
أن شعراءاً وكتابا عراقيين على مفترق طرق
من أمرهم:أيعلنون صرخة الضحية فيخسرون إحتضان الإعلام العربي, وهو ضارب السيطرة
والسطوة على الثقافة العربية, أم يخفون الصرخة المذعورة, ويظهرون بدلها قناع
المناضل الخالد من أجل سيادة الوطن وكرامة الأمة ضد أطماع الامبريالية, فيكسبون
بذلك مواقع النجوم!
إن غيظ ادوارد سعيد من ظاهرة
العراقي كنعان مكية, الذي قطع الخيوط مع العرب, وراح يأمل الكثير من المبادرة
الامريكية, جعله يخلع لباس المثقف الغربي عنه, ويتخلى عن قاموسه النقدي, ويخرج
إلينا مثقفا عربيا بأردأ الأسلحة النقدية المألوفة لدينا. المثقف (العربي) في
إدوارد سعيد يستيقظ على حساب المثقف (الغربي) فيه, ليبدأ حملة في تطعيم لغته بما
لم تآلفه لغة النقد الانكليزي من قبل. على أنه, تداركا للأمر, أعد مقالته »معلومات
مضللة عن العراق« بصورة خاصة لتليق بالذائقة الثقافية العربية. فقد نشرها في
»الاهرام« التي تصدر بالانكليزية, ثم في »الحياة« عن ترجمة غاية في
الرداءة.المعلومات التي يراها إدوارد سعيد مضللة في نشاط كنعان مكية هي أن الأخير
»وصف حكم صدام حسين بقدر كبير من الترويع والإثارة في كتابه جمهورية الخوف« مثلا,
أو أنه »لا يشير إطلاقا الى حقيقة أن الولايات المتحدة مصممة على إسقاط النظام العراقي
بسبب إحتياطي البلاد النفطي ولأن العراق عدو لاسرائىل«. أو أنه »هاجم المثقفين
العرب الذين إتهمهم بالإنتهازية واللاأخلاقية لأنهم إما أشادوا بأنظمة عربية
مختلفة أو لزموا الصمت على الانتهاكات التي تقترفها الحكومات المختلفة ضد شعوبها«. أحيانا يبدو المثقف العربي والحقيقة قطبين
متعارضين. إن أي عراقي, داخل جمهورية الخوف أو في المنفى, يعرف أن ما تحدث
عنه في كتابه »جمهورية الخوف« لا يشكل إلا
ظلا من ظلال الرعب, التي عرفها العراقيون تحت ديكتاتورية بسمارك العرب »والتسمية لأحد المثقفين الثوريين!«. وإن أي
عراقي لا يجهل أن القوى الغربية طامعة بنفط الوطن, ولكن المشكلة أن إدوارد سعيد,
والمثقف العربي عامة, لا يحب أن يعرف بأن العراقي لا يملك من وطنه ومن نفط وطنه
شروى نقير. لقد عشنا وهربنا, نحن المثقفين, دون أن نشعر يوما واحدا بأننا ننتمي
لدولة نفطية. حتى أن كتابات ثوريينا إمتلأت هجاء للدول النفطية المجاورة, بسبب
غفلتها عن واقع أن العراق يفوق دول الخليج ثروة. إلا انها ثروة تظهر سراً من باطن
الارض لتذهب سراً إلى مصارف الغرب. أو تتحول إلى أسلحة حماية ورشاوى مرتزقة لصدام
حسين وعائلته.لقد كلف نفط العراق العراقيين مليوني قتيل, وأربعة ملايين منفي وفساد
أجيال, وخراب زرع وضرع. ولذا لا يملك العراقي أن يرى أن كل هذا الذي حصل له له هو
حصاد تاريخ, قد لا يعني شيئا لدى إدوارد سعيد. وأنه لا يملك قناعة من يجد كل هذه
الخسائر ضريبة مشرفة يدفعها عن طيب خاطر من أجل نفط الوطن ومن أجل فلسطين. وهو
العارف بأن حرص صدام على النفط وعلى فلسطين ليس إلا اكذوبة مقرفة.
أما بشأن المثقفين العرب الذين
هاجمهم مكية, فقد أفسد ادوارد سعيد مادتها بالتعميم والاطلاق, لأن مكية إنما إتهم
صمتهم على مجازر نظام صدام حسين لا على فساد الأنظمة العربية, وإنتفاعهم من كرمه
في شراء الذمم, ولكن المثقف العربي في إدوارد سعيد لا يتردد في التضحية بالحقيقة
من أجل طعن الخصم. خاصة إذا كان الخصم عراقيا لا يريد أن يفكر بالتضحية, بآخر رمق
للاستغاثة, بعد أن خسر كل شيء.
جريدة (المؤتمر) - لندن 13
ديسمبر / كانون الأول 2002
فوزي كريم
الكاتب الفسطيني إدوارد, يعاود
مهاجمة الكاتب العراقي, كنعان مكية. كل منهما عاش سنوات عمره المنفي في أمريكا.
وكل منهما شغل بقضيته المركزية: الوطن المستلب, الأول من قبل اسرائيل, التي تعينها
الولايات المتحدة, والثاني من قبل صدام حسين, الذي أعانته الولايات المتحدة يوما,
وها هي تتوعده, وتعد بالقضاء عليه.
الفلسطيني في إدوارد سعيد يواجه خيوط قضيته التي إمتدت
عقودا طويلة فيجدها, على شدة إلتباسها, تنتهي في طرف منها بيد الولايات المتحدة.
وهذه الأخيرة لا تريد بضربة مقتدر أن تحسم الأمر بصورة عادلة. والعراقي في كنعان
مكية يواجه خيط قضيته, الذي لا إلتباس فيه, فيجده في طرف منه بيد الولايات
المتحدة, وهذه الأخيرة تريد لسبب من الأسباب أن تحسم الامر معه, في إزالته.
إن كل ما فعله إدوارد سعيد من
أجل وطنه وشعبه كان رائعا, لا في مواجهة القوى المحتلة والقوى المساندة لها فقط,
بل في مواجهة السلطة الفلسطينية أيضا. ولأن فلسطين بعدٌ أساس من الأبعاد القومية,
فان فاعليته ظلت محتضنة من قبل الإعلام والثقافة العربيين على الدوام. حتى أن أحد
كتبه النقدية والنظرية بالشأن الموسيقى, الذي تصعب قراءته بالإنكليزية وتستحيل
ترجمته الى العربية, قد عرض في مجلة »الكرمل« بإحتفاء من قبل كاتب لا يحسن معرفة
معنى السوناتا.
كذلك كان رائعا ما فعله كنعان
مكية من أجل وطنه العراق وشعبه العراقي, لا في مواجهة »جمهورية الخوف« وسلطة
الديكتاتور فقط, بل في مواجهة ردود الأفعال المعارضة لهذه السلطة والميل المتأصل
للعنف. ولكن الضحية هنا, وهم العراقيون هذه المرة, لا تشكل بعدا أساسا من الأبعاد
القومية. ولم تشغل ضمير الإعلام والثقافة العربيين ولو لحظة واحدة. ولذلك لم تكن
فاعليته محتضنة من قبلهما. بل على العكس ظلت عرضة لإستنكارهما وهجومهما حتى اليوم,
حتى أن مترجم كتابه »القسوة والصمت« الى العربية فضل أن يبقي إسمه مجهولا.
إن عدو إدوارد سعيد عدو مشترك
له وللمثقفين العرب وللإعلام العربي. ولكن عدو كنعان مكية ليس كذلك, لأن صدام حسين
إشترى بكرم يذكر له, نسبة كبرى من الثقافة العربية والإعلام العربي, حتى إنفرد
الشعب العراقي بالعداوة وحده, وتحت ظل ثقيل من التعميه الإعلامية والإنشغال
الثقافي بما هو قومي وأممي وانساني.
إدوارد سعيد دخل بهو الثقافة
الغربية بنباهة المقتدر, كذلك فعل كنعان مكية. على أن الأول دخله بدراسة »كونراد«
الروائي, في حين دخله الثاني بدراسة »جمهورية الخوف«. وإذ توسع الاول بإرتياد عالم
الاستشراق, وفتح النار على المستشرقين, توغل الثاني بالعذاب العراقي وفتح النار
على صمت المثقفين العرب, لقد أرضى الاول غرور المثقف العربي الإيهامي, وحقن
بالمخدر »نفس المثقف الجريحة« عن طريق الطعن بنوايا الاستشراق ,وليد الغرب الممتلئ
بالنوايا الشيطانية. في حين ألقى الثاني الضوء الجارح على ضمير هذا المثقف المستور
داخل العتمة.
ما أوسع قضية إدوارد سعيد, التي
التبس فيها النظري بالعملي, كما إلتبس الوطني بالقومي بالعالمي. وما أصغر قضية
كنعان مكية, التي لا إلتباس فيها, إلا التباس أنها عراقية, ولا يمكن أن يدرك مقدار
الأذى فيها إلا عراقي مثله.إن ادوارد سعيد يحاول جاهدا أن يعالج أزمة العراق مع
أطماع الامبريالية الامريكية. ويتأمل معالجة كنعان مكية من هذه الزاوية فيأخذه
الغيظ, لأن الاخير لا يكاد يرى إلا أزمة العراقيين في مسلخ نظام صدام حسين, وإلا
جثث القتلى وخرائب القرى والمدن المهجورة. لأن الأخير أجل عداواته إلى حين. أجل كل
عدواته في حربه القومية وحربه الأممية والإنسانية الى حين, وتفرغ لا للحرب مع صدام
حسين, بل للاستغاثة والنجدة. إنه لم يعد يملك حتى طاقة المقاومة السلبية في الصمت
وتجرع الأذى الضيم.لو قرأ إدوارد سعيد كلامي هذا, وهو الذي يعترف بأن صدام حسين
ديكتاتور, ترى هل سيضطر للمفاضلة بين
العراقيين وبين الفلسطينيين في الإندفاع باتجاه المقاومة?
إنني أكبر ذائقته الموسيقية,
وهو يعرف بأن الموهبة الموسيقية دون إحاطتها بالحماس قد تضعف وتتلاشى. كذلك موهبة
العراقي على المقاومة, فقد طالما أضعفها ولا شاها الصمت والإهمال المحيط,
عربيا وإسلاميا وعالميا. على أن آيات مقاومته خرساء مطمورة مع
مليوني جثة ستخصب الأرض, وأربعة ملايين منفي يحسنون لغات الأرض جميعا.كنعان مكية
يعرف, مثلي ومثل كل عراقي, ضحايا القسوة وضحايا الصمت. يعرفهم وحده, ولا يشاركه في
هذه المعرفة أحد من العرب والمسلمين. بل لا يواجه منهم إلا العدواة وسوء الظن. حتى
أن شعراءاً وكتابا عراقيين على مفترق طرق
من أمرهم:أيعلنون صرخة الضحية فيخسرون إحتضان الإعلام العربي, وهو ضارب السيطرة
والسطوة على الثقافة العربية, أم يخفون الصرخة المذعورة, ويظهرون بدلها قناع
المناضل الخالد من أجل سيادة الوطن وكرامة الأمة ضد أطماع الامبريالية, فيكسبون
بذلك مواقع النجوم!
إن غيظ ادوارد سعيد من ظاهرة
العراقي كنعان مكية, الذي قطع الخيوط مع العرب, وراح يأمل الكثير من المبادرة
الامريكية, جعله يخلع لباس المثقف الغربي عنه, ويتخلى عن قاموسه النقدي, ويخرج
إلينا مثقفا عربيا بأردأ الأسلحة النقدية المألوفة لدينا. المثقف (العربي) في
إدوارد سعيد يستيقظ على حساب المثقف (الغربي) فيه, ليبدأ حملة في تطعيم لغته بما
لم تآلفه لغة النقد الانكليزي من قبل. على أنه, تداركا للأمر, أعد مقالته »معلومات
مضللة عن العراق« بصورة خاصة لتليق بالذائقة الثقافية العربية. فقد نشرها في
»الاهرام« التي تصدر بالانكليزية, ثم في »الحياة« عن ترجمة غاية في
الرداءة.المعلومات التي يراها إدوارد سعيد مضللة في نشاط كنعان مكية هي أن الأخير
»وصف حكم صدام حسين بقدر كبير من الترويع والإثارة في كتابه جمهورية الخوف« مثلا,
أو أنه »لا يشير إطلاقا الى حقيقة أن الولايات المتحدة مصممة على إسقاط النظام العراقي
بسبب إحتياطي البلاد النفطي ولأن العراق عدو لاسرائىل«. أو أنه »هاجم المثقفين
العرب الذين إتهمهم بالإنتهازية واللاأخلاقية لأنهم إما أشادوا بأنظمة عربية
مختلفة أو لزموا الصمت على الانتهاكات التي تقترفها الحكومات المختلفة ضد شعوبها«. أحيانا يبدو المثقف العربي والحقيقة قطبين
متعارضين. إن أي عراقي, داخل جمهورية الخوف أو في المنفى, يعرف أن ما تحدث
عنه في كتابه »جمهورية الخوف« لا يشكل إلا
ظلا من ظلال الرعب, التي عرفها العراقيون تحت ديكتاتورية بسمارك العرب »والتسمية لأحد المثقفين الثوريين!«. وإن أي
عراقي لا يجهل أن القوى الغربية طامعة بنفط الوطن, ولكن المشكلة أن إدوارد سعيد,
والمثقف العربي عامة, لا يحب أن يعرف بأن العراقي لا يملك من وطنه ومن نفط وطنه
شروى نقير. لقد عشنا وهربنا, نحن المثقفين, دون أن نشعر يوما واحدا بأننا ننتمي
لدولة نفطية. حتى أن كتابات ثوريينا إمتلأت هجاء للدول النفطية المجاورة, بسبب
غفلتها عن واقع أن العراق يفوق دول الخليج ثروة. إلا انها ثروة تظهر سراً من باطن
الارض لتذهب سراً إلى مصارف الغرب. أو تتحول إلى أسلحة حماية ورشاوى مرتزقة لصدام
حسين وعائلته.لقد كلف نفط العراق العراقيين مليوني قتيل, وأربعة ملايين منفي وفساد
أجيال, وخراب زرع وضرع. ولذا لا يملك العراقي أن يرى أن كل هذا الذي حصل له له هو
حصاد تاريخ, قد لا يعني شيئا لدى إدوارد سعيد. وأنه لا يملك قناعة من يجد كل هذه
الخسائر ضريبة مشرفة يدفعها عن طيب خاطر من أجل نفط الوطن ومن أجل فلسطين. وهو
العارف بأن حرص صدام على النفط وعلى فلسطين ليس إلا اكذوبة مقرفة.
أما بشأن المثقفين العرب الذين
هاجمهم مكية, فقد أفسد ادوارد سعيد مادتها بالتعميم والاطلاق, لأن مكية إنما إتهم
صمتهم على مجازر نظام صدام حسين لا على فساد الأنظمة العربية, وإنتفاعهم من كرمه
في شراء الذمم, ولكن المثقف العربي في إدوارد سعيد لا يتردد في التضحية بالحقيقة
من أجل طعن الخصم. خاصة إذا كان الخصم عراقيا لا يريد أن يفكر بالتضحية, بآخر رمق
للاستغاثة, بعد أن خسر كل شيء.
جريدة (المؤتمر) - لندن 13
ديسمبر / كانون الأول 2002
Admin- Admin
- عدد الرسائل : 102
العمر : 48
الموقع : الـٍـٍِـٍلـٍـٍِـٍهُـٍـٍِـٍمَ صَـٍـٍِـٍلْ عَـٍـٍِـٍلـٍـٍِـٍىَ مُـٍـٍِـٍحَـٍـٍِـٍمَـٍـٍِـٍدٍ وََأَلِ م
العمل/الترفيه : الـٍـٍِـٍلـٍـٍِـٍهُـٍـٍِـٍمَ صَـٍـٍِـٍلْ عَـٍـٍِـٍلـٍـٍِـٍىَ مُـٍـٍِـٍحَـٍـٍِـٍمَـٍـٍِـٍدٍ وََأَلِ م
المزاج : الـٍـٍِـٍلـٍـٍِـٍهُـٍـٍِـٍمَ صَـٍـٍِـٍلْ عَـٍـٍِـٍلـٍـٍِـٍىَ مُـٍـٍِـٍحَـٍـٍِـٍمَـٍـٍِـٍدٍ وََأَلِ م
تاريخ التسجيل : 01/04/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى